responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 390
فهذا على المجاز وجعلِ الفعل للَّيالي ومرورها، إلاّ أنه خفيٌّ غير بادي الصفحة، ثم فَسّر وكشَف عن وجه التأوُّل وأفاد أنه بنى أول كلامه على التخيُّل فقال:
أَفْنَاه قِيلُ الله للشمس اطلُعي ... حَتَّى إذا واراكِ أُفْقٌ فارجعي
فبيَّن أن الفعل للَّه تعالى، وأنه المعيد والمبدي، والمنشئ والمفني، لأنّ المعنى في قِيل اللَّه، أمر اللَّه، وإذا جعل الفناءَ بأمره فقد صرّح بالحقيقة وبيّن ما كان عليه من الطريقة. واعلم أنه لا يصحّ أن يكون قول الكُفَّار: " وَمَا يُهْلِكُنَا إلاّ الدَّهرُ "، ومن باب التأويل والمجاز، وأن يكون الإنكار عليهم من جهة ظاهر اللفظ، وأنّ فيه إيهامًا للخطأ، كيف وقد قال تعالى بعقب الحكاية عنهم: " وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلاَّ يَظُنُّونَ " " سورة الجاثية: 24 "، والمتجوِّز أو المخطئ في العبارة لا يوصف بالظن، إنّما الظانّ من يعتقد أن الأمر على ما قاله وكما يوجبه ظاهر كلامه، وكيف يجوز أن يكون الإنكار من طريق إطلاق اللفظ دون إثبات الدهر فاعلاً للهلاك، وأنت ترى في نصّ القرآن ما جرى فيه اللفظ على إضافة فعل الهلاكِ إلى الريح مع استحالة أن تكون فاعلةً، وذلك قوله عز وجل: " مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ " " آل عمران: 117 "، وأمثال ذلك كثير

اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست