responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 271
إذ يبعُد أن يريد بالكذب إعطاءَ الممدوح حظَّاً من الفضل والسُّؤدد ليس له، ويُبلّغه بالصفة حظّاً من التعظيم ليس هو أهلَه، وأن يجاوز به من الإكثار محلَّه، لأن هذا الكذبَ لا يُبين بالحجَج المنطقية، والقوانين العقلية، وإنما يكذَّب فيه القائل بالرجوع إلى حال المذكور واختباره فيما وُصف به، والكشف عن قدره وخسّته، ورفعته أو ضَعَته، ومعرفة محلّه ومرتبته. وكذلك قول من قال خير الشعر أكذبه، فهذا مراده، لأن الشعر لا يكتسب من حيث هو شعرٌ فضلاً ونقصاً، وانحطاطاً وارتفاعاً، بأن يَنحَل الوضيعَ صفةً من الرفعة هو منها عارٍِ، أو يصفَ الشريف بنقص وعار، فكم جواد بخَّله الشعر وبخيلٍ سخَّاه؛ وشُجاعٍ وسمه بالجُبن وجبانٍ سَاوَى به الليث؛ ودَنِيٍّ أوطأه قِيمّة العيُّوق، وغَبيٍّ قضى له بالفهم، وطائش ادَّعى له طبيعة الحُكْم، ثم لم يُعتَبر ذلك في الشعر نفسه حيث تُنتقَدُ دنانيره وتُنشَر ديابيجه، ويُفتَق مسكه فيضوعُ أَريجُهُ. وأما من قال في معارضة هذا القول: خير الشعر أصدقه، كما قال:
وإنَّ أَحْسَن بيتٍ أنت قائلهُ ... بَيْتٌ يقالُ إذا أنشدتَه صَدَقَا
فقد يجوز أن يراد به أن خير الشعر ما دلّ على حِكْمة يقبلها العقلُ، وأدبٍ يجب به الفضل، وموعظةٍ تُروِّض جماح الهوى وتبعث على التقوى،

اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 271
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست