responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 200
واعلم أنه قد يجيء في هذا الباب شيء له حدٌّ آخر، وهو نحو قوله:
إني وتزييني بمَدحِيَ معشراً ... كمُعلَّقٍ دُرّاً على خِنْزِيرِ
هو على الجملة جمعٌ بين شيئين في عَقْد تشبيه، إلاّ أن التشبيه في الحقيقة لأحدهما، ألا ترى أن المعنى على أنَّ فِعْلَهُ في التزيين بالمدح، كفِعل الآخر في محاولته أن يزّين الخنزير بتعليق الدُرّ عليه؟ ووجه الجمع أنّ كل واحد منهما يضع الزينة حيث لا يظهر لها أثرٌ، لأن الشيء غير قابل للتحسين، ومتى كان المشبَّه به كمعلّق في البيت، فلا شكّ أن التشبيه لا يرجع إلى ذات الشيء، بل المعنى المشتقّ منه الصفة، وإذا رجع إليه مقروناً بصلته على ما مضى في نحو مَا زَالَ يَفْتِل في الذِّروة والغارب، فقد شبّه تزيينَه بالمدح مَن ليس من أهله، بتعليق الدُّر على الخنزير هكذا بجملته، لا بالتعليق غير معدًّى إلى الدُّرّ والخنزير، فالشبهُ مأخوذ من مجموع المَصْدَر وما في صلته، ولا بُدّ للواو في هذا النحو أن تكون بمعنى مع، وأمرها فيه أبين، إذ لا يمكن أن يقال إنّي كذا وإنّ تزييني كذا، لأنه ليس معنا شيئان يكون أحدُهما خبراً عن ضمير المتكلم في إني الذي هو المعطوف عليه، والآخرُ عن تزييني المعطوف، كما يكون نحو بيت بشّارٍ شَيئان يمكن في ظاهر اللفظ أن يُجعل أحدهما خبراً عن النَّقع، والآخر عن الأسياف، إلى أن تجيء إلى فساده من جهة المعنى، فأنت في نحو إني وتزييني مُلْجَأٌ إلى جعل الواو بمعنى مع من كل وجه، حتى

اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست