responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 192
فصل في التشبيه المتعدِّد والفرق بينه وبين المركّب
اعلم أنِّي قد قدّمتُ بيانَ المركَّب من التشبيه، وها هنا ما يُذكَر مع الذي عرَّفتك أنه مركَّب ويُقرَن إليه في الكُتب، وهو على الحقيقة لا يستحق صفة التركيب، ولا يشارك الذي مَضَى ذكرُه في الوصف الذي له كان تشبيهاً مركّباً، وذلك أن يكون الكلام معقوداً على تشبيه شيئين بشيئين ضربةً واحدةً، إلاّ أن أحدهما لا يداخل الآخر في الشَّبه، ومثاله في قول امرئ القيس:
كأنَّ قُلُوبَ الطَّير رَطْباً ويابساً ... لَدَى وَكْرِهَا العُنّابُ والحشَفُ البَالي
وذلك أنه لم يقصِد إلى أن يجعل بين الشيئين اتصالاً، وإنما أراد اجتماعاً في مكانٍ فقط، كيف ولا يكون لمضامَّة الرَّطْب من القلوب اليابسَ هيئةٌ يُقصَد ذِكْرُها، أو يُعنَى بأمرها، كما يكون ذلك لتباشيرِ الصُّبح في أثناء الظلماء، وكون الشَّقِيقة على قَامتها الخضراء، فيودِّيَ ذلك الشبهَ الحاصلَ من مُداخلة أحد المذكورين الآخرَ واتّصاله به، اجتماعُ الحشَف البالي والعُنّاب، كيف ولا فائدة لأن ترى العُنّاب مع الحشَف، أكثر من كونهما في مكان واحد، ولو أن اليابسة من القُلوب كانت مجموعةً ناحيةً، والرطبة كذلك في ناحية أخرى، لكان التشبيه بحاله، وكذلك لو فرَّقت التشبيه فقلت: كأنّ الرَّطب من القلوب عُنّابٌ، وكأنّ اليابس حَشَفٌ بالٍ، لم تر أحدَ التشبيهين

اسم الکتاب : أسرار البلاغة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست