اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 242
إلى الناس، كأنه قال: " من استطاع منهم "، وحذف هذا الضمير قبيح في أكثر الكلام، وحسنه هاهنا أمور، منها:
أن " مَن " واقعة على من يعقل كالاسم المبدل منه، فارتبطت به.
ومنها أنها موصولة بما هو أخص من الاسم الأول، ولو كانت أعم لقبح حذف الضمير العائد مثال ذلك أنك لو قلت: " رأيت إخوتك مَن ذهب إلى السوق "، تربد: مَن ذهب منهم، لكان قبيحاً، لأن الذاهب إلى السوق زعم من الإخوة.
وكذلك لو قلت: " البس الثياب ما حسن وكمل "، تريد: ما حسن منها، ولم تذكر الضمير، لكان أبعد في الجواز، لأن لفظ ما أعم من لفظ الثياب، وكذلك الحسن والكامل.
وحق بدل البعض من الكل أن يكون أخصَّ المبدل منه، فإن كان أعم وأضفته إلى ضمير، أو قيدته بضمير يعود إلى الأول، ارتفع العموم وبقي الخصوص.
ومما حسن حذف الضمير في هذه الآية أيضا مع ما تقدم، طول الكلام بالصلة
والموصول.
وأما المجرور من قوله: (إليه) فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون في موضع حال من (سبيلاً) ، كأنه نعت نكرة قدم عليها.
لأنه لو تأخر لكان في موضع النعت لسبيل.
والثاني: أن يكون متعلقاً بسبيل.
فإن قيل: وكيف يتعلق به وليس فيه معنى الفعل؟
قلنا: " السبيل " هاهنا عبارة عن الموصل إلى البيت من قوة وزاد ونحوهما.
فلما كان في معنى الفعل الموصل، ولم يقصد به السبيل الذي هو الطريق، صار فيه معنى (الفعل) وصلح تعلق المجرور به، واقتضى حسن النظم وإعجاز اللفظ تقديم المجرور وإن كان موضعه التأخير، لأنه ضمير يعود على البيت، والبيت هو المقصود به الاعتناء، وإنما يقدمون في كلامهم ما هم به أهم، وهم ببيانه أعنى.
اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 242