اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 228
الفاعل بالمصدر، والعين - التي هي حقيقة الشيء ونفسه - من باب تسمية المفعول بالمصدر، كصيد.
فإذا علمت هذا فاعلم أن العين إذا أضيفت إلى الباري - سبحانه - كقوله
تعالى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) فهي حقيقة لا مجاز، كما توهم أكثر الناس، لأنها صفة في معنى الرؤية والإدراك، وإنما المجاز في تسمية العضو بها، وكل شيء يوهم الكفر والتجسيم فلا يضاف إلى الباري حقيقة ولا مجازاً، ألا ترى كيف كفر الرومية النصارى حين قالوا في عيسى عليه السلام: " إنه ولد، على المجاز لا على الحقيقة "، فكفروا ولم يعذروا ألا ترى كيف لم يضف - سبحانه إِلى نفسه ما هو في معنى عين الإنسان كالمقلة والحدقة حقيقة ولا مجازاً، نعم ولا لفظ الإبصار، لأنه لا يعطى معنى البصر والرؤية مجرداً، ولكنه يقتضى مع معنى البصر معنى التحديق والملاحظة ونحوهما، وكذلك لا يضاف إليه سبحانه شيء من آلات الإدراك كالأذن ونحوها، لأنها في أصل الوضع عبارة عن الجارحة لا عن الصفة التي هي آلة لها، فلم ينقل لفظها إلى الصفة، أعني السمع مجازاً ولا حقيقة، إلا أشياء وردت على جهة المثل، مما يعرف بأدق نظر أنها أمثال مضروبة، نحو قوله في الحجر الأسود:
" يمين الله في الأرض ".
و" قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن ".
وأشباه ذلك مما عرفت العرب المراد به بأول وهلة.
وأما اليد فهي عندي في أصل الوضع كالمصدر، عبارة عن صفة لموصوف.
ألا ترى قول الشاعر:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهبٍ ... بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ يَدَ الكَريمِ
اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 228