اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 219
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ولم يقل: فانون، كما قال عز وجل: (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)
وقوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) .
إلى غير ذلك من الشواهد التي يغني عن غايتها الشاهد.
فإن قيل: فقد ورد في القرآن موضعان أفرد فيها الخبر عن " كل "، وهي غيم
مضافة إلى شيء بعدها، وهما قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ)
و (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) ، ولم يقل: كذبوا؟.
فالجواب: أنه في هاتين الآيتين قرينة تقتضي تخصيص المعنى بهذا اللفظ
دون غيره أما قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) فلأن قبلها ذكر فريقين مختلفين، وذكر مؤمنين وظالمين، فلو قال: " كل يعملون "
وجمعهم في الإخبار عنهم لبطل معنى الاختلاف، فكان لفظ الإفراد أدل على المراد، كان يقول: " كل فريق يعمل على شاكلته ".
وأما قوله تعالى: (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) ، فلأنه ذكر قروناً وأمماً، وختم ذكرهم
بذكر قوم تُبَّع، فلو قال: كل كذبوا، و (كُلٌّ) إذا أفردت إنما تعتمد على أقرب المذكورين إليها، فكان يذهب الوهم إلى أن الإخبار عن قوم تبع خاصة، أنهم كذبوا الرسل، فلما قال: (كُلٌّ كَذَّبَ) علم أنه يريد كل قرن منهم كذب، لأن إفراد الخبر عن (كُلٌّ) حيث وقع إنما يدل على هذا المعنى كما تقدم، ومثله قوله تعالى: (كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ) .
وأما قولنا في: (كُلّ) إذا كانت مقطوعة عن الإضافة فحقها أن تكون مبتدأة
فإنما تريد أنها مبتدأة مخبر عنها، أو مبتدأة منصوبة بفعل بعدها لا قبلها، أو مجرورة يتعلق خافضها بما بعدها، كقولك: كلًّا ضربت، وبكل مررت، قال الشاعر:
كلًّا بلوت فلا النعماء تبطرني
اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 219