اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 206
وتبكيت المعاندين، وهو كله كلام واحد، كأنه معطوف بعضه على بعض، فإذا وجدت أم وليس قبلها استفهام في اللفظ، فهو متضمن في المعنى معلوم بقوة الكلام، كأنه يقول: أتقولون كذا، أم تقولون كذا؟
و: أبلغك كذا أم حسبت أن الأمر كذا؟
ونظيره ما يتكرر في القرآن من قوله سبحانه: (وإذ قلنا) و (إذ فرقنا) .
بواو العطف من غير ذكر عامل يعمل في " إذ "، لأن الكلام في معرض تعداد النعم وتكرار الأقاصيص، فيشير بالواو العاطفة إليها، كأنها مذكورة في اللفظ، لعلم المخاطب بالمراد.
ومن هذا الباب الواو المتضمنة لمعنى (رب) ، فإنك تجدها في أول الكلام
كثيراً إشارة منهم إلى تعداد المذكور قبلها، من فخر أو مدح أو غير ذلك.
فهذه كلها معان مضمرة في النفس، وهذه الحروف عاطفة عليها، وربما
صرحت العرب بذلك المضمر، كقول ابن مسعود - رضي الله عنه -:
(دع ما حاك في نفسك، وإن أفتوك عنه وأفتوك. .) .
ولذلك حذف كثير من الجوابات في القرآن لدلالة الواو عليها، لعلم
المخاطب أن الواو عاطفة، ولا يعطف بها إلا على شيء، كقوله تعالى:
(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ) .
وكقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) .
وهو كثير مما يحذف فيه الجواب، وعطف بالواو على المحذوف.
ومن المسألة الأولى قوله تعالى: (مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)
ليس على معنى بل، ولكن عطفاً على الاستفهام المتضمن في
الكلام، كأنه يقول: أحضر أم كان من الغائبين؟
ألا تراه يقول: (مَا لِيَ) كالمستفهم عن نفسه.
إن كان حاضراً فمالي لا أراه؟
ولولا هذا التقدير والإضمار لقال: ما للهدهد لا أراه؟
ولم يقل: لا أرى الهدهد.
اسم الکتاب : نتائج الفكر في النحو المؤلف : السهيلي الجزء : 1 صفحة : 206