اسم الکتاب : معجم القواعد العربية المؤلف : عبد الغني الدقر الجزء : 1 صفحة : 267
جَوازِمُ المُضارع:
-1 جَزْمُ المُضارع: يُجزَمُ المُضَارِعُ إذا سَبَقَهُ جَازمٌ من الجَوَازِم، والجَوَازِمُ نَوْعان:
جَازِمٌ لِفِعْلٍ واحِدٍ، وجِازِمٌ لِفِعْلين.
-2 الجَازمُ لفِعْلٍ واحِد: الجَازمُ لفعلٍ واحِدٍ أرْبَعَةُ أحرُف "لَمْ، ولمَمَّا، ولام الأمر، ولا الناهية". (=في أحرفها) .
-3 الجَازِمُ لفِعلَين:
الجازِمُ لفِعلين: حَرْفان وهما: "إنْ وإذما" وأحَدَ عَشَرَ اسْماً وهي: "مَنْ، ومَا، ومَتَى، وأَيْنَ، وأيْنَما، وأيَّانَ، وأَنَّى، وحَيْثُما، وكيْفَما، ومَهْمَا، وأَيُّ" (= في حروفها) .
وكلٌّ منها يَقْتَضي فِعْلَين يُسَمَّى أوَّلُهُما شَرْطاً، والثَّاني جَواباً وجزاء، ويكونانِ مُضَارِعَيْن نحو: {وإنْ تَعُودوا نَعُدْ} (الآية "19" من سورة الأنفال "8") وماضيين نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} (الآية "8" من سورة الإسراء "17") وماضِياً فمُضارعاً، نحو: {مَنْ كانَ يُريدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ} (الآية "20" من سورة الشورى "42") وعَكْسُهُ وهو قليل كالحديث (مَنْ يَقُمْ ليْلَةَ القَدرِ إيماناً واحتساباً غُفِرَ لَهُ) .
-4 ولا يؤثِّر على أدوات الشَّرط في العمل دُخولُ حُروفِ الجرِّ عليها، نحو" على أيِّهِم تنزلْ أنزلْ" و" بمَنْ تمرُرْ أمرُرْبه" كما لا يؤثِّر دُخُولُ ألفِ الاستِفهامِ نحو" أإنْ تأتني آتِك".
يقول سبيويه: واعلَمْ أنَّه لا يكونُ جَوَابُ الجزاءِ إلاّ بِفعْلٍ أو بالفَاءِ فالجَوابُ بالفِعْل فنحو قولك: "إن تَأتِني آتِكَ " و "أنْ تضرِبْ أضْرِبْ".
وأمَّا الجوابُ بالفاء فقولُك: "إن تَأْتِني فأنَا صَاحِبُكَ". ولا يكونُ الجَوابْ في هذا المَوْضِع بالوَاوِ ولا ثُمَّ، وسَيأتي بحثها برقم 10.
-5 رفعُ الجَوَابِ المسبَقِ بِفِعْل مَاضٍ - رفعُ الجوابِ المَسْبُوقِ بـ "ماضٍ" أو بـ "مُضَارِعٍ مَنْفيٍّ بِلَمْ" قَوِيٌّ، وهو حَينَئِذٍ على تَقْدير حَذْفِ الفاءِ كقول زُهيرَ يَمْدَحُ هَرِمَ بن سِنان:
وإنْ أتَاهُ خَليلٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ ... يَقولُ لا غَائِبٌ مَالِي ولا حَرَمُ (المَسْغَبَة: المَجَاعَة، حَرَم، مصدر كالحِرْمان بمعنى المنع، والخليل: الفقير من الخَلة بالفتح: وهي الحاجة)
ونحو "إنْ لم تَقُمْ أَقُومُ". ورفعُ الجوابِ في غير ذلك ضَعِيفٌ كقولِ أبي ذُؤَيْب:
فَقُلْتُ تَحمَّلْ فَوْقَ طَوْقِكَ إنها ... مُطَيَّعَةٌ مَنْ يَأْتِها لا يَضِيرُها (الخطاب لليختيّ من الإِبل، وضمير إنها للقرية ومُطيَّعة: مملوءة طعاماً. وكان ينبغي أن يقول لا يضرها بسكون الراء)
-6 ما يرتَفعُ بين الجَزْمَيْن وما ينجزمُ بينهما:
يقول سيبويه: فأمَّا ما يَرتَفِعُ بينَهُما فقولُكَ: "إنْ تَأْتِني تَسْأْلُنِي أُعْطِكَ" و "أنْ تَأْتِني تَمْشِي أَمْشِ مَعَكَ". وذلك لأنَّك أرَدْتَ أنْ تقول: إنْ أَتَيْتَني سَائلاً يكُنْ ذلك، وإن تَأتِني مَاشِياً (أي: إن جملة تسألني في المثال الأول: وتمشي في المثال الثاني للحال، ولا أثرللجزاء فيها) فَعَلتُ. وقال زهير:
ومن لا يَزَلْ يَسْتحمِلُ الناسَ نَفْسَه ... ولا يُغْنِها يَوْماً مِن الدهِر يَسْأَمِ (يستحمل الناس نفسه: أي يُلْقى إليهم يحَوائجه وأموره ويحملهم إياها، والشاهد فيه: رفع يستحمل لأنه ليس بشرط ولا جزاء، وإنما اعترض بينهما: يستحمل، وهو خبر لا يزل)
إنما أراد: من لا يَزَلْ مُسْتَحْمِلاً يَكُنْ من أمْرِه ذاك ولو رَفَع يَغْنِها جَازَ، وكان حَسَناً، كأنَّه قال: مَنْ لا يَزَلْ لا يُغْنى نَفْسَه "يَسْأَمِ".
وَمَمَّا جاء أيضاً مُرْتَفِعاً قولُ الحُطَيْئة:
مَتَى تَأْتِه تَعْشُو إلى ضَوْء نَارِه ... تَجَدْ خَيْرَ نارٍ عَندَها خَيْرُ مُوقِدِ (يمدح قيس بن شماس. تَعْشو إلى النار: تأتيها ظلاماً في العِشاء ترجو عندها خيراً، خير نار: أي ناراً معدَّ للضيف الطارق)
وأمَّا جَزْمُ الفِعل بينَ الفِعْلين فقد قال سبيويه: سَألتُ الخليل عن قولِه: " وهو "عُبَيدُ الله بن الحر":
مَتَى تأْتِنَا تُلْمِمْ بَنَا فِي دِيارِنا ... تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً ونَاراً تَأَجَّجَا (الجزل: الحطب اليابس أو الغليظ منه الشاهد فيه: جزم تُلْممْ لأنه بل من تأتِنا، ولو أمكن رفعه على تقدير الحال لجاز)
قال تُلْمِمْ: بدلٌ مِن الفعلِ الأَوَّلِ، ونظيرهُ في الأسماءِ: "مَرَرْتُ برجلٍ عبدِ الله" فأرَادَ أنْ يُفَسِّر الإِتيان بالإِلْمَامِ كما فِسَّر الاسمَ الأوَّل بالاِسم الآخِر.
ومنْ ذلكَ أيْضاً قولُه، أنْشَدنيهَا الأصْمَعِيْ عن أبي عمرٍو لبعضِ بَني أَسَدٍ:
إنْ يَبْخلُوا أو يَجْبُنُوا ... أوْ يَغْدِرُوا لا يَحْفِلُوا
يَغْدُوا عَليكَ مُرَجَّلِي ... ـنَ كَأَنَّهُم لَمْ يَفْعَلُوا (لا يحفلوا: لا يبالوا. والترجيل: تَمْشِيط الشعر وتَلْيِينه بالدهن، وغدُوهثم مرجَّلين دلِيلٌ على أنَّهم لم يَحْفَلوا بقبيح)
فقولهم: يَغْدوا: بَدَلٌ من لا يَحفلوا، وغُدُّوهِمْ مُرَجَّلِين يُفَسِّرُ أَنَّهُم لم يَحْفِلُوا.
-7 الجَزَاءُ إذا كَانَ القَسَمُ في أوَّلِه:
إذا تَقَدَّمَ القَسَمُ عن الجُمْلَةِ الجَزَائِيَّة فلا بُدَّ مِنْ مُلاحَظَةِ المُقْسم عليه، وذلكَ قولُك: " واللَّهِ إنْ أَتَيْتَنِي لا أَفْعلُ" بِضَمِّ اللاَّمِ في لا أفعلُ، لأنَّ الأصلَ، واللَّهِ لا أفعَلُ إنْ أَتَيْتَنِي يقول سبيويه: أَلاَ تَرَى أنَّك لو قُلْتَ: " واللَّهِ إنْ تَأْتِني آتِكَ" لم يَجُزْ، ولو قلت: " واللَّهِ مَنْ يَأْتِني آتِهِ" كان مُحَالاً، واليَمينُ لا تكونُ لَغْواً كـ " لا وألف الاسْتِفهام" لأن اليَمينَ لآخِرِ الكَلاَمِ، وما بَيْنَهُما لا يَمْنَعُ الآخِرُ أنْ يكونَ على اليَمين.
وأمَّا إذا كانَ القَسَمُ غَيرَ مَقْصودٍ أو كان لَغواً. وتَقَدَّم عليه ما هو المَقْصُودُ في الكلامن فيكون آخِرُ الكَلامِ جَزَاءٍ للشَّرْطِ.
يقولُ سبيويه: وتقولُ" أنَا واللَّهِ إنْ تَأْتِني لا آتِك"؛ لأنَّ الكلامَ مبني على أنا - في أول الجملة - أَلاَ تَرى أنَّه حَسَنٌ أنْ تَقُول: " أنَا واللَّهِ إنْ تَأْتِني آتِكَ" فالقَسَم هَهنا لغو. فإنْ بَدَأْتَ بالقَسَم لم يُجْز إِلاَّ أنْ يَكُونَ عليه. أَلاَ تَرَى أَنَّك تَقُول: " لَئِن أتَيْتَني لا أفْعَل ذاك" لأنَّها لامُ القَسَم، ولا يَحْسُن في الكَلام: "لَئِن تَأْتِني لا أَفْعَلْ" لأنَّ الآخر لا يكونُ جَزْماً بل رَفْعاً لِتقدُّم لامِ القَسَم.
وقال سبيويه: وتقول: " واللَّهِ إنْ تَأْتِني آتِيك" وهو بمَعْنَى: لا آتيك، فإنْ أرَدْتَ أنَّ الإِتْيَان يكون فهو غَيرُ جَائز، وإنْ نَفَيْتَ الإِتْيَان، وأرَدْتَ مَعْنَى: " لاَ آتِيكَ" فهو جَائِزٌ.
يريدُ سبيويه: أنَّك إنْ أرَدْتَ الإِيجَابَ بقَوْلكَ: " واللهِ إنْ تَأْتِني آتِكَ" وأنَّكَ تَأْتِيهِ إنْ أَتَاكَ فلا بُدَّ مِنْ تَوْكيدِ الفِعْل بِمُنَاسِبةِ القَسَم، أي لا بُدَّ أن تقول: " واللَّهِ إنْ تَأْتِني لآتِيَنَّكَ".
-8 إعرابُ أسماءِ الشَّرط:
خُلاَصَةُ إعْرَابِ أسماءِ الشَّرط أنَّ الأَدَاةَ إن وَقَعَتْ بعدَ حَرفِ جَرٍّ بعدَ حَرفِ جَرٍّ أو مُضَافٍ فَهِيَ في مَحَلٍّ جَرٍّ نحو: " عَمَّا تَسْألْ أَسْأَلْ" و "خادِمَ مَنْ تُكَلِّمْ أُكَلِّمْ" - وإنْ وَقَعَتْ على زَمَانٍ أوْ مَكَانٍ، فَهِيَ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الظَّرفِيَّةِ لِفِعْلِ الشَّرْط إنْ كانَ تامّاً، وإن كانَ نَاقِصاً فلخَبَره - وإنْ وَقَعَتْ على حَدَثٍ فَهِي مَفْعولٌ مُطلَق لفِعْلِ الشَّرط نحو" أَيَّ عَمَلٍ تَعْمَلْ أَعْمَلْ". أو على ذَاتٍ، فإن كان فعلُ الشَّرْط لازِماً، أو مُتَعَدِّياً واسْتَوْفَى مَعْمُولَه، فهي مُبْتَدأ خَبَرُهُ على الأصَحِّ جُملَةُ الجَوابِ نحو" مَنْ ينْهَض إلى العلم يَسْمُ" و" مَنْ يفعَلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جوازِيَهُ".
وإن كان مُتَعَدَّياً غَيْرَ مُستوفٍ لمفعولهِ فهي مَفعُول نحو {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم} (الآية "215" من سورة البقرة "2") .
-9 أدَواتُ الجَزْمِ مَعَ "مَا": أَدَواتُ الجَزْمِ مَعَ "مَا" ثَلاَثَةُ أصْنَافُ:
صِنْفٌ لا يَجْزِمُ إِلاَّ مُقْتَرِناً بـ "ما" وهو" حَيْثُ وإذ".
وصِنْفٌ لا تَلْحَقُه "مَا" وهو" مَنْ ومَا ومَهْما وأَنَّى".
وصِنْفٌ يجوزُ فيه الأَمْران وهو "إنْ وأَيّ ومَتَى وأَيْنَ وأيَّان".
-10 اقْتِرَانُ الجواب بـ " الفَاء":
كلُّ جوابٍ يَمْتَنِعُ جَعُلُهُ شَرْطاً (يجب في الشرط ستة أمور:
-1 أن يكون فعلاً غير ماضي المعنى فلا يجوز إن قام زيد أمس قمت.
-2 ألا يكون طلباً فلا يجوز: إن قم
-3 ألا يكون جامداً فلا يجوز إن عسى.
-4 ألا يكون مَقْرُوناً بحرْفِ تَّنْفِيس فَلا يَجُوز: إنْ سوفً يَقُم.
-5 ألا يكون مَقْروناً ب" قَدْ" فلا يَجْوز: إنْ قَدْ قام.
-6 ألا يكونَ مَقْروناص بحرفِ نفي غير "لم " فلا يجوز: إن لما يقم ولا إن لن يقوم) . فإنَّ الفاء تجبُ فيه، وذلك في مواضع، نظمها بعضُهم في قوله:
اسْمِيَّةٌ طَلبِيَّةٌ وبِجَامِدٍ ... وبما ولَنْ وبِقَدْ وبالتَّنْفِيسِ
فالاسميَّةُ، نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ على كلِّ شَيءٍ قَدِير} (الآية " 17" من سورة الأنعام "6") ، والطَّلَبِيَّةُ نحو: {قل إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (الآية "31" من سورة آل عمران "3") والتي فعلُها جامِدٌ، نحو: {إنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً فَعَسَى ربي أن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِك} (الآية "39" من سورة الكهف "18") والمصدَّرة بـ "ما" نحو: {فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ فما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} (الآية "72" من سورة يونس "10") . والمُصدَّرَة بـ "لَنْ" نحو: {وَمَا يَفْعَلُوا مَنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوه} (الآية "115" من سورة آل عمران "3") وبـ "قَدْ" نحو: {قَالُوا إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (الآية "77" من سورة يوسف "12". وبالتَّنْفِيس، نحو: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيَكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلهِ} (الآية "29" من سورة التوبة "9") .
ويُجوزُ أَنْ تُغْني "إذَا" الفُجائِية عن الفَاء، إنْ كانت الأداةُ "إن" والجوابُ جُمْلَةً إسْمِيَّةً غيرَ طَلَبيَّة، نحو: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمتْ أَيْدِيهِمْ إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (الآية "36" من سورة الروم "30") .
-11 العَطفُ على الجوابِ أو الشَّرط: إذَا انْقَضَتْ جُمْلَتَا الشرطِ ثمَّ جئتَ بمُضارعٍ مَقْرُونٍ "بالفاء" أو "الوَاوِ" فلك "جَزْمُه" بالعَطْفِ على لَفْظ الجوابِ إنْ كان مُضَارِعاً، وعلى مَحلّه إن كانَ مَاضِياً أو جُمْلةً أو "رَفْعُهُ" على الاسْتِئنَاف.
وقَلِيلٌ نَصْبُه بأنْ مُضْمَرة وُجُوباً لشَبَه الشَّرْط بالاسْتِفْهامِ في عَدَمِ التَحقُّق وقد قُرِئ بهنَّ في قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُم أوْ تُخْفوهُ يُحاسِبْكُمْ به اللَّهُ فَيَعْفِرُ لمَنْ يَشاءُ} (الآية "284" من سورة البقرة "2") . يُضْلِل اللَّهُ فلا هَادِي له ويَذَرْهُم} (الآية "186" من سورة الأعراف "7") .
-12 وجُوب الجَزْمِ بالعَطف بَيْن الشَّرطِ وجَزَائه وقد يجوز النصبُ:
أمَّا وُجُوب جَزْمِ الفِعْلِ بَيْنَ فِعْلِ الشَّرْط وجَزَائِه فَذَلك إذا عَطَفْتَه على فِعْل الشَّرْطِ نحو" إن تَأْتِني فَتَسْأَلْنِي أُعْطِك" وإنْ تأتِني وتَسْأَلْني أُعْطِك" ولا يَجُوزُ في هذا الرفعُ ومثله قول الشاعر:
وَمَنْ يَقْتَرِبْ مِنَّا ويَخْضَعْ نُؤوِه ... ولاَ يَخْشَ ظُلْماً ما أَقَامَ وَلا هُضْما
ويَجُوزُ النَّصْبُ في الفِعْل المُتَوسِّط في نحو قولِ زهير:
ومَنْ لا يُقَدَّمْ رِجْلَه مُطْمَئِنَّةً ... فَيُثْبتَها في مُسْتَوى الأَرْضِ يَزْلَقِ
قال الخليل: والنَّصبُ في هذا جَيَّدٌ، - أي على أنَّ الفاء في فَيُثْبتَها فاء السَّبَبيَّة لِتَقَدُّم النفي - ولا يَأْتي النصبُ إلاّ بالواوِ والفاءِ، فلا يكونُ المُضارعُ المُتَوسِّط مَعَها إلاّ جَزْماً.
وتقول: "إنْ تَأْتِني فَهُو خَيرٌ لكَ وأُكْرِمُكَ " و "أنْ تأتِنِي فأنا آتِيكَ وأُحسِنُ إلَيْكَ". فالمَعْطُوف بالرفع في كلا المَثَليْن، وقال اللَّهُ عزّ وجلّ: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وتُؤْتُوها الفُقَراءَ فَهو خَيرٌ لكُمُ ونُكَفِّرُ عَنْكم مِنْ سَيِّئاتكم} (الآية "271" من سورة البقرة "2") .
يقول سيبويه: والرَّفْعُ هنا وجْهُ الكلام، وهو الجَيِّد، لاَنَّ الكلامَ الذي بَعْدَ الفاء جَرَى مَجْرَاه في غَيْرِ الجَزَاء، فَجَرَى الفِعْلُ هنا كما كَان يَجْرِي في غَيْرِ الجَزاء، ويقول سيبويهِ: وقد بَلَغَنا أنَّ بَعْضَ القُرَّاء قرأ: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَه ويَذَرُهُم في طُغْيَانِهِم يَعْمهون} (الآية "186" من سورة الأعراف "7") وتقول: "إنْ تَأْتِني فَلَنْ أُوذِيَك واستَقْبِلُك بالجَمِيل" فالرفعُ هنا الوجه، إنْ لم يكن مَحْمُولاً على لن - أي مَعْطُوفاً -.
ومثل ذلك"إن أتَيْتَنِي لم آتِك وأُحْسِنُ إليك" فالرَّفْع الوجه، إن لم تَحْمِلْه على "لَمْ" - أي تعطفه -.
وقَراءَة الرفع قِرَاءَة ابنِ كَثِيرٍ وأَبي عَمْرٍو، وأَبي بكرٍ عن عَاصِم، وقَرَأ نافع وحَمْزة والكسائي {ونُكَفَّرْ عنكم سيئاتكم} بالجزم.
وقِراءَة ويَذرُهم بالضم لِنَافع وابن كَثِير وابنِ عَامِر.
وقِرَاءَة أبي عَمْرو وعاصم: وَنَذَرُهم، بالضَّم.
(يتبع ... )
اسم الکتاب : معجم القواعد العربية المؤلف : عبد الغني الدقر الجزء : 1 صفحة : 267