اسم الکتاب : معجم القواعد العربية المؤلف : عبد الغني الدقر الجزء : 1 صفحة : 257
جَمْعُ المُذَكَّرِ السّالم:
-1 تعْريفُه:
هو ما سَلِمَ فيهِ نَظمُ الوَاحِدِ وبِنَاؤُه ودَلّ على أكثر من اثنين (وقد يَجْري المثثَنى مَجْرى الجَمع، ومِنْ طَريقِ ما يُقال في ذلك: ما قَال الشَّعبيُّ في كلامٍ له في مَجلسِ عبدِ الملك بن مَرْوان: "رَجُلان جَاؤوني" فقال عبد الملك: لَحَنْت يا شَعْبي، قال: يا أمير المؤمنين، لَمْ ألحَنْ مَع قولِه عزّ وجلْ: {هَذَان خَصمان اختَصَمُوا في ربِّهم} فقال عبد الملك: لله دُرُّك يا فقيه العِرَاقين قد شَفَيتَ وكَفَيت) ، وأَغْنَى عن المُتَعَاطِففِينَ (أي إن قولك: "محمدون" يغني عن: محمد ومحمد ومحمد إلخ.)
-2 ما يُجْمَع هذا الجمع: لا يُجمَع هذا الجمعَ إلاَّ مَا كَان "اسماً" أو" صِفةً".
فالاسم: كـ "زَيد" وجمعها "زَيْدُون" والثاني كـ " عَالِم" وجمعُها" عَالِمُون".
-3 شُرُوط "الاسم":
يُشْتَرَطُ في الاسمِ أَنْ يكونَ عَلَماً لِمُذَكَّرٍ عَاقِلٍ، خَالِياً مِنْ تَاءِ التَّاْنيث ومن التَّركيب، لَيْس ممَّا يُعْربُ بِحَرْفَيْن، فلا يُجْمَعُ ما كانَ من الأَسْماء غَيْرَ عَلَم كـ "إنْسَان" أَوْ عَلَماً لمُؤَنَّث كـ " زَيْنَب" أو عَلَماً لِغَيرِ عَاقِلٍ كـ " لاَحِق" عَلَمٍ لِفَرَس، أو مَا فيه تَاءُ التَّأنيث كـ " طَلْحَة" أو المُرَكَّب المَزْجِي كـ " جَادَ المولى" وما كان مُعْرَباً بحَرْفَين كالمُسمَّى به مِنَ المُثَنَّى والجمعِ كـ " حَسَنَيْن" و" مُحَمَدين" عَلَمَيْن. وتَقدَّم في الصَّفْحة السَّابقة: جمعُ العَلَمِ الإِسنادي والمركَّب والمسمَّى بالجمع.
-4 شُروط الصفة:
يُشترط في الصفِة: أن تكونَ صِفةً لِمُذَكَّرٍ، عَاقِلٍ، خَاليةً من تاءِ التَّأْنيث لَيْست من بابِ أفْعَلَ، فَعْلاَء، ولا فَعْلاَنَ فَعْلى، ولا ممَّا يَستَوي في الوَصْفِ به المُذَكَّرُ والمُؤَنَّث، فلا تُجمَعُ جَمعَ مُذكَّرٍ سَالماً الصفاتُ لِمُوَنث كـ " طَامِث"، أو لمذكَّر غيرِ عَاقل كـ " سَابِق" صِفة لَفَرس أو التي فيها تَاءُ التَّأْنيث كـ " نَسَّابَة"ki و "علاَّمة"، أو مَا كَانَتْ من باب"أفْعل" الذي مُؤَنَثه"فَعْلاء" كـ " أَسْود" و "سوْداء"، أو فَعلان الذي مُؤَنَّثه "فَعْلى" كـ "غَضْبان" و "غضْبَى"، ولا الصِّفَات التي يستوي فيها المذكرُ والمؤنَّثُ كـ "عَانِس" لِمَنْ لم يَتَزَوَّج رَجُلاً كانَ أو امْرأةً و "عرُوس" يقال للرجل والمرأة مَا دَامَا في إعْرَاسِهِمَا.
-5 جمع " أفْعل" من الأَلْوان لمذَكَّر: إذا سمَّيْتَ مُذَكَّراً بـ "أبيضَ " أو "أزْرق" جَمَعْتَهُ جمعَ تَصْحيحٍ فتقول: "أَبْيَضُون" و "أزْرَقُون" لا بِيضٌ وزُرْق على أصْلِ جَمْعه.
-6 إعْرابُ الجَمعِ المُذكَّر السَّالم بالواوِ المضمُومِ ما قَبلَها لَفْظاً نحو" أَتَى الخَالِدُون" أو تَقْديراً نحو: {وأنتُم الأعْلَونْ} . ويُنصَبُ ويجر بالياءِ المكسورِ ما قبلها لَفْظاً نحو: " رَأَيْتُ الخَالِدِين" و "نظَرْتُ إلى الخَالِدِين"، أو تقديراً نحو" رَأَيتُ المُصْطَفَيْن" و {إِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ المُصْطَفَين} (الآية "47" من سورة ص" 38") .
وإذا أُضِيفَ إلى ياءِ المتكلم في حالةِ الرّفع تقدر الواو نحو" جَاءَ مُسْلِميَّ" (أصل مُسْلمَيَّ مسلمون لي حذفت اللام للخفة والنون للإضافة وانقلبتِ الواو ياء لِمناسَبَة ياءِ المتكلم وأُدْغِمت فيها وَحُوِّلَتِ الضَّمةُ كَسْرةً لِمُناسَبة الياء)
-7 كَيْفَ يُجْمَع المُذَكَّر السَّالم:
إذا كانَ المُفْرَدُ مَنْقُوصاً حُذِفتَ في الجَمْعِ ياؤه وكَسْرَتُها، ويُضَمُ ما قَبْلَ الواو، ويُكْسَرُ ما قَبْلَ الياءِ، فتقول: " جاء القَاضُونَ والدَّاعُون" ورأيتُ القَاضِينَ والدَّاعِينَ". وإذَا كان مَقْصُوراً تُحذَفُ أَلِفُهُ دون فَتْحِتَها فَتَقُول في جَمْع "مُوسَى" "موسَوْن" وفي التنزيل: {وأَنْتُمُ الأَعْلَوْن} (الآية " 139" من سورة آل عمران "3") . و {إنَّهُمْ عِنْدنا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ} (الآية "47" من سورة ص" 38") .
وحُكْمُ المَمْدُودِ في الجَمعِ كحكمه في التَّثنيه (انظر: المثنى) فتقول في " وُضَّاء": "وُضَّاؤون" وفي "حَمْرَاء" عَلَماً " حَمْرَاوُون" ويَجُوزُ الوَجْهان في "عِلْبَاء (العلباء: عصبة العنق وهما علباوان) ومثلُها: " كِساء".
-8 المُلْحقُ بِجَمْع المذكَّر السَّالم:
حَمَلَ النَّحاةُ على هذا الجمع أرْبَعَة أنواعٍ:
(أحدُها) أسْماءُ جُموع وهو " أولُو" (اسمُ جمع لـ "ذو" بمعنى صاحب) بمعنى أصْحَاب، و "عالَمُون" (اسم جمع سالم، وهو أصناف الخَلْق عقلاء أو غيرهم) و "عشْرون" وبَابُه إلى "التِّسْعِين".
(الثاني) جُمُوعُ تكْسير وهي "بَنُون" و "حرُّون" (حرون: جمع حَرَّة: وهي أرض ذات حجارة سود) و" أَرَضون" و "سنُون" وبابهُ، وضابطُه: " كلُّ ثُلاثي حُذِفَتْ لامُهُ، وعُوِّضَ عنها هَاءُ التَّأْنيث ولم يُكَسَّر" نحو" عِضَة" (عَضَّة: من عضَّيْتُه وعضَّوْتَه تَعْضِيه، أي فَرَقْتُه أو من العِضَة وهو البهتان) و "عضِين" و "عزَة (العِزة: الفُرقَة من الناس) وعِزِين" و" ثُبَة وثُبِين" (الثُبةُ: هي الجماعة) قال الله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ في الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} (الآية "113" من سورة المؤمنون "23") . وقال: {عَنِ اليَمِينِ وَعَن الشِّمال عِزين} (الآية "91" من سورة الحجر" 15") . وأصلُ سَنَة" سَنَوٌ" أو" سَنَةٌ" لقولهم في الجمع "سَنَوات وسَنَهات"، فحذِفَت لامُه وهي الواوُ أو الهاء، وعُوِّض عنها هَاءُ التَّأْنيث وهي الهَاء من" سَنة"ولم تُكَسَّر أي لَيْس لها جَمْعُ تَكْسير فلا تُجْمَعُ" شَجَرة وثَمَرة" لعَدَم الحَذْفِ ولا "زِنَة وعِدَة" لأَنَّ المَحْذُوفَ منهما الفَاءُ، وأصْلُهما "وَزَن وَوَعدَ" ولا " يَدْ ودَم" وأصْلُهما يَدْيٌ، ودَمْيٌ، لِعَدَمِ التَّعْويض من لاَمِهما المَحْذُوفة وخَالَفَ ذلك" أَبُون وأَخُون" لِجَمْعِهما مع عَدَمِ التَّعْوِيَ، ولا "اسْمٍ وأخْتِ وبِنْت" لأنَّ العِوضَ غَيْرُ الهَاء، وشَذَّ " بَنون" لأَنَّ المُعَوَّض عنه هَمْزةُ الوَصْل ولا "شَاة وشَفة" لأنَّهما كُسِّرا على "شِيَاه وشِفَاه".
(الثالث) جُمُوعُ تصحيح لم تَسْتوفِ الشروط كـ "أَهْلُون" جمع أَهْل، وهم العَشِيرة، و "وابِلُون" جمعُ وابل وهو المَطَر الغزير، لأنَّ " أَهْلاً وَوَابِلاً" ليسَا عَلَمين ولا صِفَتَين ولأنَّ "وَابِلاً" لغير العاقل.
(الرَّابع) ما سُمِّي بهِ مِن هذا الجمع: كـ " عَابِدِين"، وما أُلحِقَ به كـ " عِليِّين" قال الله تعالى: {إنَّ كِتابَ الأبْرارِ لَفِي علِيِّيِّن، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّون} (الآية "19، 20" من سورة المطففين"83") .
فَيُعْربَان بالحُرُوفِ إجْراءً لهما على ما كَانا عَليه قَبلَ التَّسْميةِ بهما، ويَجُوزُ في هذا النَّوع أنْ يَجْرِي مَجْرى" غِسْلين" في لُزُومِ اليَاءِ، والإِعرابِ بالحَرَكاتِ الثَّلاثَة ظَاهَرَةً مُنَوَّنَة إنْ لم يَكُنْ أعْجَمِيّاً، فتقول: "هذا عَابِدينٌ وعِلِّيينٌ" و" رَأَيْتُ عَابِدِيناً وعِليِّيناً" و" نَظَرْتُ إلى عَابِدينٍ وعِليِّينٍ" فإن كانَ أَعْجَمِيّاً امْتضنضع التَّنوينُ، وأُعْربَ إعْرابَ مَا لا يَنْصَرِفُ فتقول: " هذه قِنِّسْرينُ" (قنسرين: كورة بالشام منها حلب، وكانت مدينة عامرة إلى سنة 351) و "سكَنتُ قِنِّسْرينَ" و "مرَرْتُ بقنِّسْرينُ" (وهناك لغات أخرى دون ما ذكرنا نجدها في المطولات من كتب النحو)
-9 حكمُ نونِ الجمع المذكَّر وما حُمِلَ عليه: نونُ الجمعِ المذكَّر السالم وما حُمِلَ عليه مَفْتُوحةٌ بعد الواوِ والياءِ، هذا هُو الأصل وكَسْرُهَا جائزٌ في الشِّعر بعدَ الياء كقول جرير:
عَرَفْنَا جَعْفَراً وَبَني أبِيهِ ... وَأَنْكَرْنَا زَعَانِفَ آخَرِينِ
(الرواية بكسر النون من "آخرين" وهو جمعُ آخر بفتح الخاء بمعنى مُغَاير، و "جعْفر وبنو أبيه" أولاد ثعْلَبة بن يربوعِ و "الزَّعَانف" جمع زِعْنِفة وهو القَصِير، وأرادَ به الأَدْعِياء الذين ليس أصلُهم واحداً.
اسم الکتاب : معجم القواعد العربية المؤلف : عبد الغني الدقر الجزء : 1 صفحة : 257