اسم الکتاب : ضياء السالك إلى أوضح المسالك المؤلف : النجار، محمد عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 16
ونستطيع أن نجمل الفروق الأساسية بين المذهبين فيما يأتي:
أ- البصريون حازمون متشددون في قبول ما يروى من الشعر، ولا يعترفون إلا ببعض القبائل الموثوق بشعرها، وقد ذكرناها، ويقل عندهم التجويز.
ب- البصريون صارمون، معتدون بأنفسهم، والثقة بروايتهم، ويخطئون ما عداها من الروايات، مهما كان مصدرها.
جـ- البصريون يؤولون ما يخالف قواعدهم، ولو كان عربيا صحيحًا، ويتكلفون في ذلك عنتًا، وإذا أعجزهم التأويل حكموا بشذوذه.
أما الكوفيون فمتسامحون؛ يقبلون كل ما ورد عن العرب، ويقيسون حتى على البيت الواحد، ويضعون لكل شيء قاعدة ولو كان شاذا.
وقد كان البصريون يتحرجون من الرواية عن علماء الكوفة؛ لأن اتصال هؤلاء بالخلفاء ببغداد، وتزاحمهم على أبوابهم -جعلهم يتزيدون فيما يعجب ويجري على الألسنة. أما الكوفيون فكانوا يأخذون عن البصريين؛ لثقتهم فيما يروونه.
والذي لا شك فيه أن البصريين كانوا أكثر استنباطًا وإنتاجًا، وأوثق رواية من الكوفيين؛ لما ذكرنا من أن الفصحاء من العرب كانوا يردون على البصرة أكثر من الكوفة لقرب الأولى منهم. وقد نضج النحو في البصرة قبل الكوفة بنحو مائة عام. وهذا لا يحول دون صواب رأي الكوفيين في كثير من المسائل.
ونشير هنا إلى أن تشجيع الخلفاء والأوامر من بني العباس للحركة العلمية -وبخاصة اللغة والنحو- كان له أكبر الأثر في الإقبال على تدوين هذا العلم، ووضع أصوله وقواعده. وقد أشرت إلى ما كان يحدث من مناظرات وغيرها.
ويعتبر ما وضعه الخليل بن أحمد معجزة الزمان، وما دونه سيبويه في كتابه، وأكمله العلماء والباحثون في ذلك العصر -أساسًا لكل ما وصل إلينا في
اسم الکتاب : ضياء السالك إلى أوضح المسالك المؤلف : النجار، محمد عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 16