ننتقل الآن إلى قضية أخرى من كلام المصنف، قد انتهى من ذكر علامات الرفع، وتحدث الآن في علامات النصب فقال:
(وللنصب خمس علامات: الفتحة وهي الأصل، والألف، والكسرة، والياء، وحذف النون) ،هذه خمس علامات، نأخذها واحدةً واحدةً لأن المصنف فصلها فقال:
(فأما الفتحة فتكون علامة للنصب في ثلاثة مواضع، في الاسم المفرد) وقد مر بنا تعريفه، تقول "إن محمدًا مجتهدٌ"، "محمدًا" هذا منصوبوعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، و"إن موسى غائبٌ"،"موسى" منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف، أمثل بهذا وهذا حتى تعلم أنه سواءٌ أكانت الفتحة ظاهرة أم مقدرة لا يضير. هذا الاسم المفرد انتهينا منه. جمع التكسير، واسم الجمع، واسم الجنس الجمعي انتهينا منها أيضًا، والعلامة فيها مثل العلامة هذه، علامة النصب هنا الفتحة، وهي العلامة الأصلية، فهو يُنصب بالفتحة، جمع التكسير "إن الرجالَ موجودون"، "الرجالَ" منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها، وكذلك لو جعلت اسم جمع أو اسم جنس جمعي فإنه يُعامل المعاملة نفسها، قال الله عزّ وجلّ ? إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ? [يس: 55] ، ? أَصْحَابَ ? منصوبة، وهو جمع تكسير، هذا إذا كانت الكلمة جمع تكسير.
أما الفعل المضارع فهو يُنصب أيضًا بالفتحة إذا لم يتصل بآخره شيءٌ، يقول (فأما الفتحة فتكون علامةً للنصب في ثلاثة مواضع، في الاسم المفرد) وقد انتهينا منه، (وفي جمع التكسير) وقد انتهينا منه، (وفي الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصبٌ) ، يعني لابد أن يكون متقدمًا عليه ناصبٌ، وشرط ألا يتصل بآخره شيءٌ، لأن لو اتصل به واو جماعة أو ألف اثنين أو ياء مخاطبة فإنه يُنصب ويكون علامة نصبه حذف النون، هنا لم يتصل بآخره شيءٌ، قال الله عزّ وجلّ ? قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ
عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ? [طه: 91] ، عندنا ? نَبْرَحَ ? تقدمت عليه "لن"، وعندنا ? يَرْجِعَ ? تقدمت عليه "حتى"، سواء كانت "حتى" أو المقدرة أو أن مقدرة بعدها فيه خلاف في هذا، المهم أن ? نَبْرَحَ ? و? يَرْجِعَ ? فعلان مضارعان منصوبان بالألف ولم يتصل بهما شيءٌ في آخرهما.