فانظر إلى ما جاء في أمالي المرتضى (1 / 490) : (فإن قيل كيف يجوز أن يقول: السجن أحب إلي مما يدعونني إليه يوسف / 33، وهو لا يحب ما دعونه جملة ... قلنا قد تستعمل هذه اللفظة في مثل هذا الموضع، وإن لم يكن في معناها اشتراك، على الحقيقة. وإنما يسوغ ذلك على أحد الوجهين دون الآخر، من حيث كان المخيَّر بين الشيئين لا يخيَّر بينهما إلا وهما مرادان أو مما يصح أن يريدهما ... والمجيب على هذا، متى قال كذا أحبّ إليّ من كذا، كان مجيباً على ما يقتضيه موضوع التخيير، وإن لم يكن الأمران يشتركان في تناول محبته) . فتقدير قوله (والمجيب على هذا متى قال ... ) والمجيب بناء على هذا متى قال، وقوله (كان مجيباً على ما يقتضيه..) كان مجيباً جواباً مترتباً على ما يقتضيه..
وقد جاء في الأشباه والنظائر (3 / 257) : (فتقول الجواب عليه من وجهين) أي الجواب المترتب عليه، إنما يكون من وجهين.
وجاء في الخصائص لابن جني (2 / 266) : (ومن ذلك قولك في جواب من قال لك: الحسن أو الحسين أفضل، أم ابن الحنفية؟ الحسن، أو قولك الحسين، وهذا تطوع من المجيب بما لا يلزم.. ذلك أن جوابه على ظاهر سؤاله، أن يقول له: أحدهما. ألا ترى أنه لما قال له: الحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفية، فكأنه قال أحدهما أفضل أم ابن الحنفية؟ فجوابه، على ظاهر سؤاله، أن يقول أحدهما) . فما تعليل قوله (جوابه على ظاهر سؤاله) أقول أنه على تقدير. جوابه المبني على ظاهر سؤاله. وقد أردف ابن جني: (ونظير قوله في الجواب على اللفظ..) أي في الجواب المحمول على اللفظ، و (على) في كل ذلك للاستعلاء مجازاً.
تعدية (أجاب) بعن وعلى ومعناه مع كل منهما:
ومن هنا كان الطعن على تعدية (أجاب) بغير (عن) دون تدبر معناه وما هو عليه من تقدير الكلام، مجازفة في القول، وحكم لا تناط به ثقة ولا يُخلد إليه بيقين.