وقيل إن نصراً قرأ القرآن على أبي الأسود، كما في نزهة الألباء لابن الأنباري ومعجم ياقوت، وكان أبو الأسود من القراء، وتلقى عن نصر أبو عمرو بن العلاء فُوفِّق في رسم النحو لما لم يوفق له أستاذه، وتلقى عن يحيى بن يعمر أبو اسحاق الحضرمي فأصاب في تأصيل النحو ما لم يصب شيخه.
ومهما يكن من أمر فإن الدؤلي لم يعمد إلى تأصيل الأصول النحوية وتقعيد قواعدها ولو تعلق اسمه بالنحو شكلاً وموضوعاً على ما ذكر ابن الأنباري في نزهة الألباء والقفطي في إنباه الرواة، وكذلك تلميذاه نصر الليثي ويحيى العدواني ولم يكونا أوفر منه حظاً في هذا المضمار. فقد روى سيبويه في كتابه هذه الأصول عن الخليل والأخفش الأكبر وعن عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء ويونس بن حبيب وعن عبد الله بن أبي اسحاق الحضرمي لكنه لم يتجاوز الحضرمي إلى إمام قبله فلم يروِ عن أبي الأسود الدؤلي، أو عاصم الليثي أو يحيى العدواني.
أئمة البصرية:
خلف الحضرمي أئمة أخذوا بالأكثر والأغلب وعوَّلوا على القياس كعيسى بن عمر الثقفي (149هـ) فقد أسس أصول كتابه (الجامع) على الأكثر، وأسمى ما شذ عن الأكثر لغات، وكذا فعل في كتابه (الإكمال) وهما من مراجع كتاب سيبويه.
وهكذا فعل أبو عمرو زبَّان بن العلاء (154هـ) كما تقدم، وهو أحد القراء السبعة، ويونس بن حبيب (182هـ) ، وقد أخذ عنه سيبويه خاصة أصول النحو، كما أخذ عنه الكسائي والفراء، وغيرهم، وكان إماماً في نقد الشعر وفي النحو واللغة.