قال صاحب المصباح: (وقال الجرجاني: لا يجمع المبهم، إلا إذا أريد به الفرق بين النوع والجنس، وأغلب ما يكون فيما ينجذب إلى الاسمية نحو العلم والظن ... ) ، وهذا ما حمل النحاة على تضعيف أعمال المصدر المجموع. قال صاحب الهمع: (قال أبو حيان: والمختار المنع، وتأويل ما ورد من ذلك) .
***
فثبت بما بسطنا القول أن الدلالة اسم المصدر وجوهاً، فهو إما أن يعني الحدث كما يعنيه المصدر. قال الإمام الصبان (3/ 106) : (ومقتضى عبارته أن موضوع اسم المصدر الحدث كالمصدر ... وجزم به ابن يعيش وأبو حيان وغيرهما، وصوّبه بعضهم أن موضوعه المصدر نفسه) .
وأما أن يخلو من الحدث فيدل على اسم عين كالعطاء لما يُعطى، أو اسم للمعنى الحاصل بالمصدر، أي الأثر الذي يحصل بإيقاع الفعل كما مثلوا له بالغُسل بالضم في قولك (لا أرى في هذا الثوب غسلاً) ، وكالعذاب الذي هو اسم من التعذيب.
وذهب جماعة إلى أن الوجه الذي يدل به اسم المصدر على الحدث هو الفرع والذي يدل به على غيره كاسم العين هو الأصل.
ومهما يكن من شيء فإن اسم المصدر لا يجمع ما دل على الحدث، فإن خلا منه، ودل على اسم للعين أو اسم للمعنى جمع بشرط خروجه عن جنسه، ما لم ينص على خلاف ذلك. وقد قيل عطاء لما يُعطى وأعطية، وعذاب للأثر الذي يقع بالتعذيب، وأعذبة، كما قيل غُسل بالضم وأغسال، وهذا على التحقيق اسم مصدري، إذا كان من الغَسل بالفتح واسم مصدر إذا كان من الاغتسال.