فـ (التجربة) مصدر جار على فعله، لكنه استعمل استعمال الأسماء كالعيب والنسب واللفظ والبعث والفتح والوضع والعون.. وهو حين جذب إلى الاسمية لم يبق على مصدريته الدالة على الحدث وجنسه، وهذا ما أتاح جمعه. ذلك أن الأصل في (التجربة) ألا يجمع ما دام على حدثه وجنسه، ولو ختم بالتاء وإذا كان العلامة (يس) قد قال في حاشية التصريح أن المصدر لا يثنى ولا يجمع مالم يكن بالتاء، فإن قوله هذا لا ينقض ما قرر من أن ما جمع من المصادر فقد عري من جنسه أو حدثه. فقد رأينا في كلامنا على المصادر، أن ابن الأثير قد اعتل لجمع (التحية) على التحيات باختلاف ضروبه لا باختتامه بالتاء. قال ابن الأثير في النهاية (وإنما جمع التحية لأن ملوك الأرض يحيون تحيات مختلفة) فأخرجه عن جنسه. ثم قال: (التحيات لله أي الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء هي لله تعالى) . فعدل به عن حدثه. وما دامت (التجربة) ، قد أنزلت منزلة الأسماء فما الذي انتهت إليه من معنى أو أفضت إليه من دلالة؟ ...
التجربة ودلالاتها وجمعها واعمالها
قال صاحب الأساس: (ورجل مجرِّب ومجرَّب: ذو تجارب) . أو ليست (التجربة) ، في قولك: (فلان ذو تجربة) ، فقد فقدت حدثها؟ فقولك: (ذو تجربة) ، بمنزلة قولك: (ذو علم أو خبرة أو بصيرة أو دراية) . وهذه على التحقيق أسماء معان قد عريت من حدثها، لا مصادر.