وتردُّ فكرة الاشتقاق الكبير إلى الإمام الخليل بن أحمد وقد بحثه أبو علي الفارسي واتسع فيه تلميذه أبو الفتح ابن جني صاحب الخصائص، وتبعهما في ذلك الحاتمي، والسكاكي صاحب المفتاح، وابن الأثير صاحب المثل السائر، وقد عرض هؤلاء للاشتقاق الأكبر وافتن فيه الحاتمي خاصة.
وقد قصرنا الكلام في فصلنا هذا على الاشتقاق الصغير، وهو ما يراد بالاشتقاق عند الإطلاق. وإليه تنتهي شعاب البحث عامة، وهو أصله وأرومته ومورده. فلا بد إذاً من إحصاء مسائله وجمع أشتاته واستقراء دقائقه في هذا الفصل، والاستصباح بضوء ذلك في خوض عباب الاشتقاق الكبير والاشتقاق الأكبر والغوص على أسرارهما في فصل آت، إن شاء الله.
هذا وأجدر ما ينبغي أن نجري الكلام فيه من مسائل الاشتقاق الصغير، وأحرى أن نستنفد بعض الوسع في بحثه:
1-ما يطرد اشتقاقه فيكون على قياس، وما لا يطرد فيعول فيه على السماع.
2-اشتقاق الأفعال من أسماء الأعيان.
3-الاشتقاق من اسم العين المشتق أيجري على لفظ المشتق أم يبني على أصله.
4-أوجه القولين وأسلمهما من النقد، في اشتقاق الفعل من المصدر أو المصدر من الفعل.
5-ما يعترض رد المادة اللغوية إلى أصل واحد أو يحول دون الاهتداء إليه.
6-الحكم في أصل اللفظ أعربي هو أم دخيل.
7-اشتقاق العربي من المعرّب.
وقصارانا أن نجمع اليدين على تمحيص كل مسألة من هذه المسائل فنبلو أمرها ونخبر حالها ونخلص من بحثها ونحن أبصر بدخائلها وأعلم بمطاويها.
وحسبنا في ذلك أن نقتصر على قدر ما نري به الطريقة ونقف على المنهاج، وإلا فللقول في ذلك مجال واسع ومذهب فسيح. فإذا سمت بالقارئ همة إلى ما وراء ذلك أو نازعته رغبة، اقتفى فيه هذا الأثر فوجد السبيل مسلوكاً والطريق موطأ فسعى سعيه إلى الاستزادة لتكتمل في ذلك آلته وتجتمع أداته.
1-ما يطَّرد اشتقاقه وما لا يطَّرد