قد لا يقف اسم الفاعل عند دلالته على الحال أو الاستقبال فيتجاوز ذلك إلى إفادة تجدد الحدث باستمرار، وهو ما اصطلح عليه عند النحاة باستمرار التجدد. فيقوم اسم الفاعل حينئذ بعمله بعد التنوين وينصب المفعول، على الأصل، فإذا أضيف كانت إضافته كذلك لفظية لا تفيد التعريف. ومثال هذا قولك (زيد مكرم الضيفان) على الإضافة، و (زيد مكرم ضيفانه) بتنوين اسم الفاعل ونصب ما بعده. قال الشيخ ناصيف اليازجي في كتابه (نار القرى/ 178) : "وجرى مجرى ما كان على الحال والاستقبال ما أريد به الاستمرار التجددي نحو زيد مكرم ضيفه" بتنوين مكرم ونصب ما بعده.
وقد جعل بعضهم من هذا القبيل قوله تعالى: ?فالق الأصباح وجعل الليل سكناً- الأنعام/ 96? فقد قرئ "وجاعل الليل سكناً" وجاء فيه قولان:
الأول أن اسم الفاعل دال على تجدد الحدث باستمرار، ويمكن حينئذ إضافته، فتكون إضافته لفظية لا تفيد التعريف، وإعماله فيكون "سكناً" منصوباً به. وقد أشار البيضاوي ناصر الدين في تفسيره (أنوار التنزيل) إلى دلالة اسم الفاعل هذه فقال: "على أن المراد منه جعل مستمر". كما أشار العكبري محب الدين أبو البقاء في كتابه (إملاء ما منَّ به الرحمن من وجوه الإعراب) إلى إعمال اسم الفاعل فقال: "وجاعل الليل مثل فالق الإصباح في الوجهين، وسكناً مفعول جاعل إذا لم تعرّفه".
والثاني أن اسم الفاعل دال على الماضي بدليل قراءته الأولى (وجعل) ، فيجب حينئذ إضافته فتكون إضافته محضة تفيد التعريف، ويمتنع في هذه الحال عمله فيقدّر نصب (سكناً) بفعل محذوف، كما سنذكره بعد. قال العكبري: "وإن عرَّفته كان منصوباً بفعل محذوف أي جعله سكناً".
د-دلالة اسم الفاعل على الماضي: