النحاة والمفعُولات
لاشك في أنّ على الباحثين أنْ يكشفوا عما يقع من هفوات العلماء ويتفق من زلاتهم، وأن يتداركوا ما فاتهم بحثه فأغفلوه، وهل يُعقب السكوت عن الخطأ إلا جهلاً أو تُلقح المشايعة فيه إلا شرَّاً. على أن عليهم أن يأخذوا فيما يبحثون بسبب وثيق، فلا يخطئوا السبيل إلى الحق ولا ينوا عن مزاولة الصبر واستنفاذ الوسع في التماسه. وأن يحسنوا التحقيق والتثبت فيما يعيبون فلا يعجلوا بالحكم قبل استيفاء الحجة فيتجه من نقدهم غض أو انتهاك لمن حبسوا أنفسهم على اللغة فصدقت نياتهم في تحري الصواب وابتغاء الحق.
من ذلك ما شُغف به الدكتور مصطفى جواد، عضو المجمع العلمي العراقي، رحمه الله، من تتبع للنحاة، فيما تناوله من مباحث لغوية بارعة في كتابه (دراسات في فلسفة النحو والصرف) . وإذا كان له في هذا المضمار طرائف تبعث على النظر وفرائد تُغري بالتأمل والتدبر فإن له منازع تشف عن حيف لفضل هؤلاء وانتقاص لعظم شأنهم فيما قدّموه، وعلوّ مرتبتهم فيما أسلفوه.
فكيف يدرك النقد غَرضه إذا صار أمره إلى أن تحيَّف على الحق فلم يعلق منه بسبب، ومال عن القصد فلم يحظَ منه بطائل.
أسماء المفعولات