أقول إذا جئت بالفعل فقلت (قاتل مع صاحبنا) لم يتسع معناه إلا لمناصرتك إياه. وعلى هذا قوله تعالى: ?فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً –التوبة/84?، فقوله: لن تقاتلوا معي عدواً يعني لن تشاركوني في قتالي عدواً. لكن في قولك (القتال مع صاحبنا) شيئاً آخر، ذلك أن (مع) ها هنا، وهي ظرف مكان، ليست متعلقة بالقتال تعلقها بالفعل في قولك (قاتلت مع صاحبنا) ، وعلة ذلك أنها ظرف مستقر بفتح القاف، متعلقه فعل عام أو ما يشبهه والتقدير (القتال يحصل مع صاحبنا لا أراه لك..) ، ونحو ذلك قولك (القتال بيني وبين صاحبنا) ، فإن الظرف فيه مستقر متعلقه محذوف. ومثل هذا البناء أي (القتال مع صاحبنا) يحتمل الأمرين: مناصرته ومقاتلته، وهو يعني المقاتلة قصراً إذا قامت قرينة على نحو ما سبق، ومتى تعلق الظرف أو الجار والمجرور بمحذوف، انتقل إلى الظرف إعراب هذا المحذوف. فإذا تعلق الجار والمجرور بمذكور كان الظرف لغواً، ليس له حظ من الإعراب ولا يتم الكلام دونه. ومما نحن بسبيله ما جاء في كتاب فضل هاشم على عبد شمس من قول الجاحظ في بني هاشم: "ثم ما كان في أيام تحزبهم وحربهم مع علي ومعاوية" وكأن الكلام على اللف والنشر المرتب وتقديره (أيام تحزبهم مع علي وحربهم مع معاوية) فيكون الأول من النشر للأول من اللف، والثاني للثاني. وقوله (تحزبهم مع علي) معناه تحزبهم له أي تجمعهم وتعصبهم له. أما قوله (حربهم مع معاوية) فتقديره: حربهم الجارية أو القائمة مع معاوية، أي التي جرت بينهم وبينه. ويعزز هذا ما سبق أن قدمناه وبسطنا القول فيه.