وقد جاء في التنزيل (والمرسلات عرفاً ((المرسلات/1) . قال الزمخشري في الكشاف: (أقسم سبحانه بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره..) . وجاء في التاج (والمرسلات في التنزيل: الرياح أرسلت كعرف الفرس، أو الملائكة عن ثعلب، أو الخيل لأنها ترسل أي تطلق في الحلبة) ، وما دام قد صح الاستغناء بـ (المرسلات) عن موصوفها المعين ملائكة كانت أو رياحاً أو خيلاً، فلا شك أنها صفة غالبة. قال أبو حيان في البحر المحيط (8/403) : (ولما كان المقسم به موصوفات قد حذفت وأقيمت صفاتها مقامها، وقع الخلاف في تعيين تلك الموصوفات) . على أنه بقي للصفة الغالبة من عموم الدلالة، ما كان للصفة الجارية على فعلها، أو كاد الأمر أن يكون كذلك، لتعدد ما يمكن أن يكون الموصوف المحذوف، وكان هذا مرجعها جمع الصفات.
وجاء في التنزيل (وأنزلنا من المُعصرات ماء ثجَّاجاً ((النبأ/ 4) . قال الجوهري في الصحاح (والمعصرات السحائب تعتصر بالمطر، وعُصر القومُ أُمطروا) . وقال الإمام البيضاوي (السحائب إذا أعصرت، أي شارفت أن تعصرها الرياح، كقولك: أحصد الزرع إذا حان أن يحصد.. أو من الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب) . وقال أبو حيان في المحيط (.. وجاء هنا من أعصر، أي دخلت في حين العصر، فحان لها أن تعصر، فعل للدخول في الشيء) . فالمعصرات صفة غالبة أنزلت منزلة الأسماء، لكنها بقيت تدل على ما دلت عليه الصفة الجارية على فعلها، سواء أكان موصوفها المحذوف سحائب أو رياحاً. ومن ثم جمعت جمع التصحيح.
وجاء في التنزيل (ومن آياته أن يرسل الرياح مبشِّرات ((الروم/ 46) فجاء (مبشِّرات) صفة جارية على فعلها، في موضع الحال، لكنها استعملت صفة غالبة. قال الجوهري (والمبشِّرات الرياح التي تبشر بالغيث) . ومثل ذلك ما جاء في الأساس (وهبَّت المبشرات، وهي الرياح التي تبشر بالغيث) . وجاء في فقه اللغة وسر العربية للثعالبي (المبشرات التي تأتي بالسحاب والغيث، والسوافي التي تسفي التراب) .