وأما أن سيبويه قد قصر حكمه بالتصحيح فيما بدئ من الصفات بالميم على (مفعول ومفعل بفتح العين ومفعل بكسرها) دون سواها كـ (منفعل) مثلاً، وأن المتأخرين هم الذين قالوا بتعميمه دون صاحب الكتاب، فليس وجيهاً أيضاً. فانظر إلى قول سيبويه (1/238) : (اعلم أن ما كان يجمع بغير الواو والنون نحو حسن وحسان، فإن الأجود فيه أن تقول مررت برجال حسان قومه، وما كان يجمع بالواو والنون نحو منطلق ومنطلقين فإن الأجود فيه أن يجعل بمنزلة الفعل المتقدم فتقول: مررت برجل منطلق قومه..) فما الذي أراده سيبويه فارقاً بين (حسن) و (منطلق) من حيث جمعهما؟ الذي قصده سيبويه فارقاً بينهما هو أن حسناً يكسر إلى تصحيحه، وأن منطلقاً لا يعدو التصحيح فلا يكسر. قال سيبويه في الكتاب (2/205) : (وأما ما جاء على فَعَل الذي جمعه فِعال فإذا لحقته الهاء للتأنيث كسر على فعال.. وليس شيء من هذا للآدميين يمتنع من الواو والنون، وذلك قولك حسنون وعزبون) . وأما منطلق فيجمع بالواو والنون ولا يتجاوز هذا الجمع.
فسيبويه لم يقصر حكمه بالتصحيح على (مفعول ومفعل ومفعل) بل عممه فتناول (المنفعل) كما هو مثاله، كما تناول سواه مما بدئ بالميم من الصفات، شأنه في ذلك شأن المتأخرين.
دليل بعض المحدثين على جواز تكسير مفعول من صفات الرجال:
ذهب بعض المحدثين إلى أن تكسير الأئمة ما أوله ميم من اسمي الفاعل والمفعول، في بعض أبواب الصرف، دليل على جواز جمعه جمع تكسير. ذلك أن العلماء قد رأوا أن ما يحذف من المفرد إذا كسر، هو ما يسقط منه إذا صغر. وذلك فيما تجاوزت أحرفه بالزيادة أربعة. فقالوا إذا كسرت (المقدّم) حذفت الدال فقلت (مقادم) . وقد تقول (مقاديم) . وإذا صغرته حذفت الحرف نفسه، فقلت (المقيدم) . وقد تقول (مقيديم) .