القيَاس في الجُموع
قد يتفق لك مفرد من الأسماء أو الصفات لا تدري ما جمعه لمجيئه على زنة تتباين جموعها، أو يعرض لك جمع لا تدري ما مفرده إذ يصح أن يكون جمعاً لآحاد مختلفة. وسواء صح ما جرى عليه ابن مالك في ألفيته والسيوطي في همعه، في إيراد صيغ الجموع ثم ذكر الآحاد التي ينقاس جمعها على كل صيغة، أو صح ما نهجه المتقدمون وابن الحاجب في شافيته والرضي في شرحه، من ذكر الآحاد، ثم ما يصدق في كل منها من صيغ الجموع، فإن ثمة من العناء في تحقيق مفرد كل جمع وجمع كل مفرد، ما يحمل على البحث والتدبر. قال ابن جني في سر صناعة الإعراب (وهذا الخلاف بين العلماء في أحد الجموع سائر عنهم مطرد منه مذاهبهم. وإنما سببه وعلة وقوعه بينهم أن أمثال جمع التكسير تفقد فيه صيغة الواحد فيحتمل الأمرين والثلاثة ونحو ذلك. ألا ترى أنك إذا سمعت زيدون وعمرون ومحمدون، لم يعترضك شك في الواحد من هذه الأسماء. وهذا يدل على أنهم بتصحيح هذه الأسماء في الجموع معنيون، ولبناء ألفاظ آحادها فيها لإرادة الإيضاح والبيان مؤثرون، وأنهم بجمع التكسير غير حافلين، ولصحة واحده غير مراعين) . ومن ثم كان لا بد من الأخذ بالقياس والتعويل عليه ما أمكن فيما نص العلماء على قياسه من الجموع، وفيما يمكن الاهتداء إلى قياسه بالاستقراء والتقصي، مهما اشتد إدراكه وتعسر مطلبه. وهذا أمر يتساهم ذوو النظر الأخذ به والرجوع إليه كلما تسنى ذلك، على ألا ترسو قدم قياس في اعتماد شاذ أو نادر، أو تجاوز أصل من أصول العربية أو طريقة من طرائقها.
مفعول ومفاعيل: