الأولى: هل لك أن تقيس في كل فعل جاء على (فاعلته) فتأتي منه بفعلته أفعله من باب نصرته أنصره بالضم، إذا أردت المغالبة؟ أقول لا قياس في هذا فأنت تقول نازعني فلان ولا تأتي منه بنزعته أنزعه من باب نصر للمغالبة، قال سيبويه في الكتاب (2/239) : "واعلم أن يفعل من هذا الباب، باب المغالبة، على مثال يخرج بالضم نحو عازّني فعززته أعزُّه، وخاصمني فخصمته أخصمه، وشاتمني فشتمته أشتمه، بضم عين المضارع فيها.. وكذلك جميع ما كان من هذا الباب، إلا ما كان من الياء مثل رميت وبعت، وما كان من باب وعدَ، فإن ذلك لا يكون إلا على أفعله بكسر عين المضارع، لأنه لا يختلف ولا يجيء إلا على يفعل بكسر العين"، وأردف: "وليس في كل شيء يكون هذا، ألا ترى أنك لا تقول نازعني فنزعته أنزعه، أستغني عنها بغلبته وأشباه ذلك".
الثانية: هل ينبغي لكل فعل جاء على (فاعلته ففعلته أفعله) على سبيل المبالغة أن يكون (فعلته أفعلُه) فيه، من باب نصر قياساً مطرداً؟ أقول في ذلك مذاهب:
المذهب البصري:
أما البصريون فيقولون بضم عين المضارع في الصحيح من أفعال المغالبة مطلقاً، ويجعلون هذا قياساً مطرداً. فإذا سُمع فيه غير الضم أوجبوا الضم فيه، ما دام الفعل صحيحاً. قال السيوطي في المزهر (2/25) : "وشذ الكسر في قولهم خاصمني فخصمته أخصمه بكسر الصاد، ولا يجيز البصريون فيه إلا الضم، وهذا ما لم يكن المضارع وجب فيه الكسر فإنه يبقى على حاله في المغالبة، نحو سايرني فسِرته أسيره، وواعدني فوعدته أعِدُه، وراماني فرميته أرميه".