فالأولان، الهمزة والهاء، يخرجان من أقصى الحلق أي أبعدها من الفم، وهو ما ولي الصدر، والمتوسطان: العين والحاء، من وسط الحلق، والآخران: الغين والخاء من أدنى الحلق، أي أقرب إلى الفم، وهو أوله مما يلي الفم، على ما في شرح الجزري – ص/ 21 و 22".
قياس يفعل فيما جاء من الثلاثي مضاعفاً
ذهب كثير من الأئمة كوفيين وبصريين إلى أن مضارع ما جاء من الثلاثي مضاعفاً إنما يكون مضموم العين إذا كان الفعل متعدياً، وبالكسر إذا كان لازماً، خلافاً لما تقرر غالباً، في غير المضاعف من الثلاثي. ومن ذلك ما قاله الفراء أبو زكريا يحيى بن زياد، شيخ الكوفة (207هـ) . فقد جاء في الصحاح (مادة شد) : "قال الفراء ما كان على فعلت من ذوات التضعيف غير واقع، أي غير متعد، فإن يفعل منه مكسور العين مثل عففت أعف بالكسر، وما كان واقعاً أي متعدياً مثل وددت ومددت فإن يفعل منه مضموم العين إلا ثلاثة أحرف جاءت نادرة، وهي: شدّه يشدّه بالضم ويشدّه بالكسر، وعلّه يعلّه ويعلّه من العلل وهو الشرب الثاني، ونم الحديث ينمه وينمه. قال فإن جاء مثل هذا أيضاً مما لم يسمعه فهو قليل وأصله الضم، وقد جاء حرف واحد بالكسر من غير أن يشركه الضم، وهو حبه يحبه".
وهكذا جعل الفراء القياس في المضاعف من الثلاثي، أن يضم مضارعه إذا كان متعدياً، وأن يكسر إذا كان لازماً. فإذا سمع من المتعدي ما كسرت عين مضارعه، فلا بد أن يكون إلى جانبه ضم العين، كما هو الحال في شدّه وعلّه ونمِّه، ولم يأت بالكسر وحده إلا حرف واحد شاذ، هو حبه يحبه.
وجاء في الصحاح: "يقال أحبه فهو محب، وحبّه يحبه بالكسر فهو محبوب. وهذا شاذ لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر إلا ويشركه يفعُل بالضم إذا كان متعدياً، ما خلا هذا الحرف". وفي المصباح. "وحببته أحبه من باب ضرب والقياس أحبه بالضم لكنه غير مستعمل..".