ولا يعني ما تقدم من قول العكبري أن لنا أن نقدر في كل (اسم فاعل مضاف) أن تكون إضافته غير محضة فيكون عاملاً ويدل على الحال ولا يفيد التعريف، أو تكون إضافته محضة فيكون ملغى ويدل على الماضي ويفيد التعريف، فإن مرد ذلك إلى القرينة. فقد جاء قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت (. بإضافة (ذائقة) إلى الموت إضافة غير محضة، وليس ثمة ما يتسع هنا لإضافة (ذائقة) إلى الموت إضافة محضة. قال العكبري في إعراب القرآن: (وإضافة ذائقة غير محضة لأنها نكرة يُحكى بها الحال، وقرئ شاذاً ذائقة الموت بالتنوين والإعمال) .
*الفراء واسم الفاعل:
نهج الفراء يحيى بن زياد (207 هـ) ، وهو عَلَمْ من أعلام الكوفية، نهج الكسائي في اتخاذ أصول الكوفية، وتجلَّى ذلك في كتابه الأول (معاني القرآن) . وقد عمد فيه (1/ 45) . إلى تمييز اسم الفاعل العامل فأسماه (فعلاً دائماً) ، من اسم الفاعل غير العامل، وقد أبقاه على الأصل (اسماً) .
قال الفراء في تفسير قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت (. الأنبياء /35. بإضافة (ذائقة) إلى الموت، قال في كتابه (معاني القرآن) : "ولو نونت ذائقة ونصبت كان صواباً". وهذا يعني أن (ذائقة الموت) بتنوين الأول ونصب الثاني، على إعمال اسم الفاعل، جائز جواز (ذائقة الموت) بالإضافة غير المحضة، فكلاهما يفيد الحال أو الاستقبال. وأردف: "وأكثر ما تختار العرب التنوين والنصب في المستقبل"، ومؤدَّى ذلك أن العرب قد تعني المضي في اسم الفاعل العامل، ولو أن الكثير الغالب أن تعني المستقبل. ويمضي الفراء قائلاً: "فإذا كان معناه ماضياً لم يكادوا يقولون إلا بالإضافة"، وفحوى ذلك أن المضي إنما يعبر عنه غالباً بالإضافة، ولكن قد يعبر عنه بإعمال اسم الفاعل أيضاً، وهذا رأي الكوفية خلافاً للبصرية التي لا ترى في الأعمال إلا دلالة الحال والاستقبال، لكنها ترى في الإضافة دلالة الحال إذا لم تكن محضة، والمضي إذا كانت محضة.
*البصريون واسم الفاعل: