الأصل في الأفعال أن تنتزع من أسماء الأعيان. قال ابن مالك في التسهيل: "ويطّرد صوغ فعَل من أسماء الأعيان لإصابتها: نحو جلَده ورأسه، أو أنالتها: نحو شحمه ولحمه أي أطعمه ذلك، أو عمل بها: نحو رمَحَه وسَهَمه أي أصابه بالرمح والسهم". فقد قال العرب جلَده إذا أصاب جلده ورأسه إذا أصاب رأسه، وكبده ودمغه وأذنه وأنفه ونابه ومعده، إذا أصاب ما سُمي بهذه الأحرف من الأعضاء، ومن ذلك رآه إذا أصاب رئته، فاشتقوا بذلك من اسم العين الثلاثي. وقالوا حصاه إذا ضربه بالحصى، ودَبَره إذا تلا دبره، وحنك الدابة إذا جعل الرسن في حنكها، وأسد الرجل إذا أشبه الأسد، وتاس الجدي إلى صار كالتيس.
وقالوا عسَله إذا جعل فيه العسل فعلاً أو مجازاً. ففي الحديث: [إذا أراد الله بعبد خيراً عسَله] ، قال صاحب النهاية: "العسل بسكون السين طيب الثناء مأخوذ من العسل بفتحتين".
ويقال بدر الغلام إذا تم واستدار تشبيهاً بالبدر في تمامه وكماله، كما في النهاية وقال الراغب في مفرداته: ".. والأقرب عندي أن يجعل البدر أصلاً في الباب، ثم تعتبر معانيه التي تظهر منه، فيقال تارة بدر كذا أي طلع طلوع البدر". وقال الأموي: "سمعتهم يقولون ما أحب أن تشوكك شوكة" وقال الكسائي: "ما أحب أن تشيكك شوكة، وهما لغتان". (النوادر لأبي مسحل- 2/116) . وتقول عصوته بالعصا وسطته بالسوط وهروته بالهراوة ورمحته بالرمح ونبلته بالنبل إذا طعنه ورماه (2/172) .
واشتقوا من الثلاثي المزيد بحذف الزائد فقالوا: حنأ لحيته إذا خضبها بالحناء، لكنهم قالوا حنَّأها بالتشديد أيضاً. وقالوا أركت الإبل تأرك إذا لزمت الأراك، والأراك شجر من الحمض يُستاك بقضبانه، والواحدة أراكة.