ولكن ما القول في مصدر الفعل أهو الصمد أم الصمود؟ أقول أنكر الدكتور جواد أن يكون (الصمود) مصدراً للفعل، بل سخر ممن رأى هذا الرأي. والصحيح أن (الصمود) مصدر للفعل اللازم كالصمد. قال ابن القوطية في كتابه الأفعال، وهو الإمام المحقق: "صمدت إلى الله صمداً وصموداً، وأصمدت، لجأت" وأردف: "وصمدت الشيء صمد أقصدته" فخص (الصمود) بالفعل اللازم، وجعل (الصمد) للازم والمتعدي. والغريب أن جواداً قد جعل (الصمد) هو المصدر دون الصمود، لأمر يتصل بدلالته، فذهب إلى أن ما كان معناه الحركة دون السكون فمصدره (الفَعل) بسكون العين. قال جواد: "والظاهر أن هذا الذي ابتدع الصمود حسبه بمعنى الثبات، فأطال مصدره كالجلوس والقعود.. وفي قِصَر مصدر الفعل صمد، دليل على أنه يعني الحركة لا السكون، والتقدم لا الوقوف".
والذي ذكره الأئمة كالرازي أن الأصل فيما جاء على (فعَل) بالفتح من الأفعال أن يكون مصدره (فَعلاً) بسكون العين إذا كان متعدياً، و (فعولاً) إذا كان لازماً. وفصَل الإمام الرضي فتطرق في شرح الشافية (1/153) إلى دلالة الفعل فقال: "قوله الغالب في فعَل، بفتح العين، اللازم، على فعول، ليس على إطلاقه، بل إذا لم يكن للمعاني التي نذكرها بعد، من الأصوات والأدواء والاضطراب"، وأردف: "ثم نقول: الأغلب الأكثر في غير المعاني المذكورة أن يكون المتعدي على فعل بسكون العين، من أي باب كان، نحو قتل قتلاً وضرب ضرباً وحمد حمداً، وفعل بفتح العين اللازم على فعول نحو دخل دخولاً". وليس (الصمد) الذي نحن في سبيله من أفعال الأصوات والأدواء والاضطراب لينفرد بوزن مصدري خاص، فالأغلب إذاً أن يكون (الفعول) مصدراً للازم منه و (الفَعل) مصدراً لمتعدّيه.