قال المرزوقي في شرح الحماسة (ص/ 1317) : "تساهم تقاسم، ولذلك قيل سُهمة فلان بالضمة من هذا كذا، أي قسمته ونصيبه.. وانقسم جسم هذه المرأة بين درعها وإزارها، ففي درعها بدن ناعم وخصر دقيق، وفي مرطها فخذان غليظان عليهما ردف ضخم. والرأدة الناعمة واللفَّاء الكثيرة اللحم".
أراد الشاعر أن ثوبي المرأة قد تساهما أو تقاسما جسمها، فكان نصيب الدرع منهما بدناً ناعماً وخصراً دقيقاً، وكان نصيب المرط منهما، وهو الكساء من صوف أو خَزّ، فخذين مكتنزين ردفهما ضخم سمين. وقد أورد الزمخشري في الأساس هذا البيت فقال: "وتساهموا الشيء تقاسموه".
وقال ابن جني في الخصائص (1/68) : "وهو كتاب يتساهم ذوو النظر من المتكلمين والفقهاء و.. التأمل له". وجاء في اللسان (مادة عدد) : "تساهموه بينهم".
على أن في قولك (ساهمه في كذا) إذا شاركه و (تساهماه) إذا تقاسماه نظراً، ذلك أنه إذا كان (فاعلَ) متعدياً إلى مفعول واحد نحو (ضاربه) ، جاء (تفاعل) لازماً بلا مفعول صريح نحو (تضاربا) . وإذا كان متعدياً إلى مفعولين نحو (جاذبته الثوب) ، جاء (تفاعل) بمفعول واحد، نحو (تجاذبا الثوب) . فكيف أتى (ساهمته في كذا) متعدياً إلى مفعول واحد، وجاء (تساهماه) متعدياً إلى مفعول واحد أيضاً؟ والأصل أن يأتي (تساهماه) بمفعول واحد من (ساهمه الشيء) بمفعولين، كما جاء تقاسماه من قاسمه الشيء، ولم يسمع (ساهمه الشيء) ، وإنما هو (ساهمه في الشيء) ! وسبب ذلك وعلته عندي أن (المساهمة) ليست أصلاً في معنى المشاركة وإنما تدرج معناها إليها، وكذلك (التساهم) ليس أصلاً في معنى التقاسم وإنما تدرج معناه إليه. ولو كان (التساهم) بمعناه هذا وهو التقاسم أصلاً لكانت (المساهمة) بمعنى المقاسمة، وليست كذلك، وإنما هي المشاركة، فتأمَّل.
ولكن هل تقول (ساهمته في كذا) بمعنى شاركته فيه (فتساهمنا فيه) إذا اشتركنا فيه أو تشاركنا؟.