قوله أواسيه أي أجعله أسوة نفسي فأقاسمه مالي وملكي. يقول: لكن أتناسى ذنوبه وهفواته وأتغابى جرائمه وزلاته، وأحسنُ التأتي في أثناء ذلك لمواساته".
أقول أورد الشاعر الأزدي (أواسيه) بالواو لأنها لغة اليمن، وقد جروا على ذلك، وأقره المرزوقي واستحسنه. وجاء في المصباح: "ويجوز إبدال الهمزة واواً في لغة اليمن فيقال أواسيه".
وجاءت (المواساة) بالواو في الحديث. قال ابن الأثير في النهاية: "وقد تكرر ذكر الأسوة والمواساة في الحديث، والأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة، والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق، وأصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً".
فالمواساة في الأمر تعني المساواة فيه، وهي ترد من ثَمَّ، في ما يسرّ وما يحزن على السواء. فقد جاء في لطائف اللطف لأبي منصور النيسابوري الثعالبي قول علي بن الجهم "إن واسيناكم ساويناكم" وقال دعبل الخزاعي:
إنّ أولى البرايا أن تواسيه عند المسرّة من واساك في الحَزَن
القول في تعدية المفاعلة
لا شك أن الأصل فيما جاء من المفاعلة للمشاركة فعلاً، وأصله الثلاثي لازم، أن يتعدى إلى مفعول واحد كجالسه وكارمه وماشاه وجاراه وسايره وفاخره ونازله من جلس وكرم وسهر ومشى وجرى وسار وفخر ونزل، وقد ذهب ابن هشام في مغني اللبيب (2/113) في باب الأمور التي يتعدى بها الفعل القاصر، إلى أن ألف المفاعلة من هذه الأمور، إذ قال: "الأمور التي يتعدى بها الفعل القاصر أحدها همزة أفعل نحو (أذهبتم طيباتكم (.. الآية. الثانية: ألف المفاعلة تقول في جلس زيد ومشى وسار جالست زيداً وماشيته وسايرته.." ويغلب هذا أيضاً فيما كان فعله الثلاثي متعدياً إلى واحد، إذ تتعدى المفاعلة فيه إلى مفعول واحد أيضاً كضاربه وقاتله وشاركه وصارعه من ضربه وقتله وشركه وصرعه.