بقي أن نقول أن الخطأ الذي حكاه الأستاذ العدناني بقوله (أجره فهو مؤجر) قد يكون أتى به من عثار المصباح: (واختصر الأزهري على أجرته فهو مؤجر) . على أن هذا التصحيف قد تداركه المحقق في نسخة أخرى للمصباح طبعت سنة (1342هـ) ، إذ جاء فيها (واقتصر الأزهري على آجرته فهو مؤجر) . ومثل هذا التصحيف قد عرض في التهذيب. قال الأزهري (ج/11) : "فأجرته أوجره إيجاراً فهو مؤجر" والصواب (آجرته أوجره إيجاراً..) بالمد، وهو واضح، لا يذهب على القارئ المتأمل. وإلا فيكف يكون (فَعَلَ) في عبارة التهذيب، مضارعه (يُفعل) بضم حرف المضارعة كيكرم أو يكون مصدره (الإفعال) ؟
واتفق نظير ذلك في القاموس، في مادة (وجب) . قال الفيروز آبادي: "وأوجب لك البيع مواجبة ووجاباً" وهو تصحيف، والأصل فيه (واجب) لا (أوجب) لأن (أوجب) مصدره الإيجاب، لا المواجبة والوجاب. وقد حكى القاموس ما حكاه عن اللحياني، وعبارة اللحياني في (المحكم) محكمة، وهي: "وقد أوجب البيع واستوجبه، وواجب البيع مواجبة ووجاباً". وقد أشار إليه تصحيف القاموس المحشي فقال: "هذا التصريف لا يُعرف في الدواوين ولا تقتضيه قواعد، فإن مصدر أوجب الإيجاب، والمواجبة والوجاب مقيسان في واجبه".
وقد اعتذر صاحب التاج من تصحيف القاموس، فقال: "إن المصنف، أي صاحب القاموس، لم يغفل.. لكنه أجحف بكلام اللحياني".. وقد عجب من مثل هذا الاعتذار صاحب الجاسوس على القاموس، فقال: "وهو اعتذار غريب، فإن الإحجاف هو عين الغفلة". وإذا عدنا إلى اللسان ألفينا فيه التصحيف نفسه إذ جاء فيه: "وأوجب البيع مواجبة ووجاباً". وذكر صاحب الجاسوس أن اللسان قد أورده صحيحاً، فلعل بعض نسخ اللسان قد عريت من هذا التصحيف.
القول في (آجر) متى يكون (أفعل) ومتى يكون (فاعل) ؟