وقد جاء في التنزيل (قاتلهم الله أنى يؤفكون ((التوبة/ 31) ولا تصح في مثل هذه المقاتلة مشاركة أو مقابلة. ففي (قاتل) هنا نسبة أصل الفعل إلى الفاعل حقيقة بلا اقتضاء مشاركة، كما في تلخيص الأساس لعلي بن عثمان. فقاتلهم الله دعاء بمعنى أهلكهم، والأصل في (فاعلَ) إذ جاء بمعنى (فعلَ) أن تكون نسبة أصل الفعل إلى الفاعل بطريق المجاز لا الحقيقة. قال علي بن عثمان: "فثبت التغاير بينهما على ما في بعض شروح الشافية".
بعض ما جاء على فِعال بالكسر مصدراً لفاعل
فعال بالكسر ليس بالضرورة مصدراً لفاعَل فقد يكون اسماً غير مصدر مفرداً أو جمعاً، وقد يكون مصدراً لفعل أيضاً. ويلتبس الأمر حيناً، فيما جاء منه معتل العين، أهو مصدر لهذا أم مصدر لذلك. فثمة (لاذ به) مثلاً بمعنى لجأ إليه واستتر به واختص ومصدره (اللوذ) بفتح فسكون. وجاء (لاوذ) على فاعلَ أيضاً. وسمع (اللواذ واللياذ) بكسر اللام فيهما، على (فعال) بالكسر، فأيهما مصدر (لاذ) الثلاثي، أو مصدر (لاوذ) المزيد؟ وجاء قام وقاوم وسمع من مصادرهما القوام والقيام بكسر القاف، فأيهما مصدر الثلاثي أو مصدر المزيد؟
جاء في الصحاح "لاذ به لجأ إليه وعاذبه، وبابه قال، ولياذاً أيضاً بالكسر".
فتبين بهذا أن مصدر لاذ هو اللوذ كالقول، وهو اللياذ أيضاً بكسر أوله. وفي الصحاح: "ولاوذ القوم ملاوذة ولواذاً أي لاذ بعضهم ببعض. ومنه قوله تعالى: (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ((النور/36) ، وأردف: "ولو كان لاذ لقال لياذاً"، أي أن اللواذ في الآية مصدر لاوذ، ولو كان مصدر لاذ لكان اللياذ. فاللياذ مصدر لاذ الثلاثي، واللواذ مصدر لاوذ على فاعل. وأكد ذلك الراغب في مفرداته فقال: "ولو كان من لاذ يلوذ لقيل لياذاً، إلا أن اللواذ هو فعال من لاوذ، واللياذ من لاذ". فلماذا قلبت الواو ياء في اللياذ مصدر الثلاثي ولم تقلب في اللواذ مصدر لاوذ؟