فأنت تقول (كاشفتك العظات) كما ورد النص في نهج البلاغة (2/241) ، وتقديره (كاشفتك بالعظات) ، وأصله في الفعل الثلاثي، (كشفت لك العظات) . فالذي زاد من المفعول بتحويل (كشف) إلى (كاشف) هو (ضمير المخاطب) أي الكاف، ولا مشاركة للمخاطب في الكشف، خلافاً لقولك (جاذبتك الثوب) فالمفعول المزيد في المفاعلة، (وهو ضمير المخاطب) مشارك في الجذب. وهكذا (عاودتك في كذا) و (راجعتك في كذا) فإن المخاطب ليس مشاركاً في العود أو الرجوع. ولا يخفي أن (عاودتك وراجعتك) من أفعال الموالاة والمداومة، ففي المصباح (يعاودها أي يرجع إليها مرة بعد مرة) ، وقال (راجعته: عاودته) . فمكاشفتك فلاناً بكذا موالاة الكشف له ومعاودة فلان ومراجعته موالاة العود والرجوع إليه حيناً بعد حين. قال ابن أبي حديد في شرح قول الإمام علي (ولقد كاشفتك العظات وآذنتك على سواء) : "والعظات جمع عظة، وهو منصوب على نزع الخافض" أي أن تقديره (كاشفتك بالعظات) ، وأردف: "وروي العظات بالرفع، على أنه فاعل، أي كاشفتك العظات وآذنتك أي أعلمتك، وعلى سواء: أي على عدل وإنصاف". فمكاشفتك فلاناً موالاة الكشف له.
ما جاء من المفاعلة لغير المشاركة:
ومما جاء به الرضي من المفاعلة في غير معنى المشاركة قولك (ضاعفته) بمعنى (ضعَّفته) بالتشديد أي كثَّرت أضعافه، وسافرت بمعنى سفرت أي خرجت إلى السفر.
قال الرضي: "ولا بد في سافرت من المبالغة"، وعندي أن في (المسافرة) معنى الموالاة كالمعاودة والمراجعة، أي أن (سافر) بمعنى سفر عن المكان مسافة بعد مسافة. وذهب الراغب في مفرداته مذهباً آخر فقال: "وسافر خُصّ بالمفاعلة اعتباراً بأن الإنسان قد سفر عن المكان، والمكان سفر عنه" ذلك أن (سفر) بمعنى خرج للارتحال أي بعُد. والمختار أن تكون (المدافعة) أيضاً موالاة في الدفع.