وقد قطع أعضاء المجمع القاهري بأن (البيان) مصدر، وهو كذلك في الأصل، إذا كان من (بان) على أنه قد يكون اسم مصدر، إذا حمل على (أبان) أو (بيَّن) . قال صاحب المصباح: (وأبان إبانة وبيَّن وتبين واستبان، كلها بمعنى الوضوح والانكشاف، والاسم: البيان، وجميعها يستعمل لازماً ومتعدياً، إلا الثلاثي فلا يكون إلا لازماً) . فإذا كان (البيان) اسم المصدر من (التبيين) كان كالعذاب اسماً من التعذيب. وقد جمع الأئمة (العذاب) حين انتهوا به إلى الاسمية، على (أعذبة) واسم المصدر كالمصدر في امتناعه على الجمع من حيث الأصل كما ستراه. ففي التنزيل (يضاعف لها العذاب ضعفين ـ الأحزاب / 30 (قال ابن منظور: (قال أبو عبيد: معناه تجعل الواحد ثلاثة أي تعذب ثلاثة أعذبة) .
وعندي أن جمع (البيان) يكون بالتاء تصحيحاً، كما يكون على (أبينة) تكسيراً. أما جمعه بالتاء تصحيحاً، فقد نحا نحوه الأئمة بما جمعوه من نظائره، وأفتى بعضهم بجمع ما لم يسمع عن العرب بالتاء. فقد جاء في كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي الجرجاني، حول الاحتجاج لصحة جمع (بوق) على (بوقات) : (وقال المحتج عنه إن أصل الجمع التأنيث، ولذلك جاء ما جاء منه بالتاء، وإن كان في الأصل مذكراً، قال فمن جمع اسماً لم يجد عن العرب جمعه فأجراه على الأصل، لم يسغ الرد عليه، ولم يجز أن ينسب إلى الخطأ لأجله (332) .