هذا وانظر إلى ما جاء في (الوعد) والوعد مصدر في الأصل، لكنه استعمل استعمال الأسماء فينبغي أن يحمل عليها في الجمع فيقال (الوعود) . قال صاحب الصحاح (ولا يجمع الوعد) ، وقال الأزهري على ما حكاه ابن منظور (الوعد العدة يكون مصدراً واسماً، فأما العدة فتجمع على عدات، والوعد لا يجمع) ، ونحو ذلك ما قاله صاحب المفردات (والعدة من الوعد ويجمع على عدات، والوعد مصدر لا يجمع) . واستدرك ابن منظور فقال (والوعد من المصادر المجموعة، قالوا: الوعود، حكاه ابن جني) أقول بل جمعه ابن جني كما هو شأنه فيما أنزله من المصادر منزلة الأسماء.
ما جمعه الزمخشري
الوجل بفتح الجيم مصدر. قال ابن القوطية (ووجل وجلاً: خاف) . وقال صاحب المفردات: (الوجل استشعار الخوف يقال وجل يوجل فهو وجل. قال: وجلت قلوبهم..) . ولم أر جمعه في الصحاح أو المفردات أو المصباح أو المختار أو اللسان أو القاموس أو التاج ولكن جاء في الأساس (وفي قلبه وجل، وفي قلوبهم أوجال) !
توجيه ما جمع من المصادر:
يتبين بما أسلفنا أن ما وقع لفحول الأئمة من جمع المصادر كثير فاش. والذي دفعهم إلى ذلك وبعثهم عليه ما تمثل لهم من صور ذهنية متجددة أجيئوا إلى التعبير عنها. وليس ما اعتمدوا هاهنا خروجاً عن قواعد اللغة بل بناء على أصولها، وتصرف قد خرّج على طرائقها. والتصرف بالمصدر على هذا النحو أشهر من أن تكثر عليه الأمثلة، وهو من الظهور على ما ترى. وقد نهج مجمع اللغة العربية بالقاهرة هذا النهج حين قال: (يجوز جمع المصدر عندما تختلف أنواعه) .