وانظر إلى ما قاله ابن منظور في التعليق على ذلك (وقول ابن جني المضاف والمضاف إليه عندهم وفي كثير من تنزيلاتهم كالاسم الواحد.. إنما جمع تنزيلاً هنا لأنه أراد للمضاف والمضاف إليه تنزيلات في وجوه كثيرة، منزلة الاسم الواحد.. فكنى بالتنزيلات عن الوجوه المختلفة. ألا ترى أن المصدر لا وجه له إلا تشعب الأنواع وكثرتها. مع أن ابن جني تسمَّح بهذا تسمَّح تحضر وتحذق، فأما على مذهب العرب فلا وجه له، إلا ما قلناه) . أقول إن ما فعله ابن جني وتسمَّح به قد جرى عليه العرب أنفسهم، كما بسطنا القول فيه. ولابد لمثل هذا التسمح، مادام تسمح تحذق وتحضر، أن يتسع نطاقه وتمتد آفاقه، ما مسَّت إليه الحاجة في التعبير. وإذا كان الأئمة قد استسهلوا فيما جمعوه من مصادر ما فوق الثلاثي، جمعه السلامة أو منتهى الجموع فلظهور القياس فيه. وقد استحبوا جمع المصادر بالتاء، فيما لم يسمع جمعه عن العرب، وقد ضمنوا سلامة صيغته. وأكثروا من جمع ما ساغ جمعه على صيغه منتهى الجموع، فلا يعترضهم شك في تعرف واحده. وقد جمع الرضي في شرح الكافية (2 / 187) إكراماً على أكاريم وخص إكرامات بجمع إكرامة. وجمع صاحب المصباح (في رهب) إفساداً على إفسادات، كما جمع التاج السبكي في شرح المنهاج، على ما حكاه المزهر (1 / 175) ، إنشاء على إنشاءات.
وأقل الأئمة من جمع مصادر الثلاثي، لاختلاف صيغ جمعه، على وفرة ما نقل منه عن العرب كما رأيت، لكنهم جمعوا من مصادره ما يقتاد النظر إلى الأخذ به، كما اتفق لابن جني، وهو من تعلم في حذقه لفقه اللغة وعلومها واستقرائه لدقائقها وتمحيصه لدخائلها.
طرف مما جمعه ابن جني من مصادر الثلاثي