هذا وسنورد عليك مما جرت به أقلام الأئمة، قياساً على ما سمع عن العرب، ما يدل دلالة سديدة واضحة على أن التصرف في المصادر لا يمكن أن يحده سماع. وإن اللغة تقتضيه اقتضاء كلما احتيج إلى تجديد المعاني وتوليدها وتصريفها حيثما اتجه الفكر، وأن أصولها، إلى ذلك، لا تأباه ولا تعافه، بحاال من الأحوال. فأنت إذا تقصيت ما كتبوه واستقريته وجدت أن أحدهم لم يتورع عن جمع المصدر إذا نوى فيه الاسمية، ولو لم يرد النص بسماع جمعه. فالعرب قد جمعت من المصادر ما احتاجت إلى إرادة الاسمية فيه لحاجة في التعبير، وتصرفت فيما اضطرت أن تخرج به عن دلالته، وليس هذا مما يمثل أو يمكن أن يحصره سماع أو تحده رواية.
قال صاحب المصباح: (واستعمل العيب اسماً وجمع على عيوب) .
وقال: (ثم استعمل النسب وهو المصدر في مطلق الوصلة بالقرابة، فيقال بينهما نسب أي قرابة، وجمعه أنساب) .
وقال: (وفرض الله الأحكام فرضاً أوجبها. فالفرض المفروض، جمعه فروض، مثل فلس وفلوس) .
وقال: (الغيم السحاب الواحدة غيمة, وهو مصدر في الأصل من غامت السماء من باب سار، إذا أطبق بها السحاب) .
وقال: (والشق بالفتح انفراج في الشيء، وهو مصدر في الأصل، والجمع شقوق) .
وقال: (والجمع أيضاً الجماعة تسمية بالمصدر ويجمع على جموع مثل فلس وفلوس) .
وقال في (لفظ) : (واستعمل المصدر اسماً وجمع على ألفاظ كفرخ وأفراخ) .
قال: (والمكس الجباية، وهو مصدر من باب ضرب أيضاً، فاعله مكَّاس، ثم سمي المأخوذ مكساً تسمية بالمصدر، وجمع على مكوس مثل فلس، وفلوس) .
وقال: (والبعث الجيش تسمية بالمصدر، والجمع بعوث) .
وقال: (ووقف أيضاً تسمية المصدر والجمع أوقاف) .
وقال: (ثم أطلق الرهن على المرهون، وجمعه رهون مثل فلس وفلوس) .
وقال: (وسمي ما يصاد صيداً، إما فعل بمعنى مفعول، وإما تسمية بالمصدر، والجمع صيود) .
وقال: (ووهمت وهماً، وقع في خلَدي، والجمع أوهام) .
وقال ابن منظور: (والفتح افتتاح دار الحرب وجمعه فتوح) .