وعندي أن ما جاء فيه التصحيح قد أتوا به كذلك لأمر انتووه. ذلك أن كل ما صحح قد أريد به الدلالة على اسم يتصل به، كما رأيت. فقد جاء التصحيح مثلاً فيما يبنى من استفعل على الاسم خاصة كاستتيست الشاة واستنوق الجمل واستفيل. قال الرضي (وأبو زيد جوّز التصحيح في باب الأفعال والاستفعال مطلقاً قياساً، إذا لم يكن لهما فعل ثلاثي) . كما جاء التصحيح في استفعل وأفعل إذا أريد بهما الاسم لتأكيد معناه، كاستحوذ من الحوذ أو الاحواذ، واستصوب من الصوب أو الصواب واستجوب من الجواب.. ونظير ذلك أُغيل من الغيل، وأغيم من الغيم، وأعوه من العاهة، وأقول من القول، وأخوص وأشوك. وجاء في كتاب الصرف للإمام بدر الدين محمود بن أحمد العيني المتوفى (855 هـ) : (وقوله لا يعل مثل ما أقوله لأنه تعجب، وهو شبه الأسماء في عدم تصرفه، يعني لا يتصرف لفظ التعجب إلى المضارع والأمر والنهي، فلما شابه الاسم صححت واوه وياؤه، كما صححت واو دلو وياء ظبي. ولا يعل أيضاً قولك أغيلت المرأة إذا أرضعت ولدها في حال حملها، واستحوذ أي استولى وغلب، وكذلك استصوب، أي وجد الشيء صواباً، واستروح أي وجد الرائحة والراحة، وأطيب أي جعلت الشيء طيباً، وذلك حتى يدللن على الأصل..) .
أما تعليق إجازة التصحيح على خوف اللبس، كما ذهب إليه الأستاذ عباس حسن، فلا مساغ لقبوله على إطلاقه، بلا حد ولا ضابط، في كل مفعلة.
والرأي عندي أن يكون الأصل عامة هو الإعلال في كل ما بني من مفعلة على الفعل، إذا كان معتل العين، كمصدر أو اسم مكان أو زمان، كما قرر النحاة، ودل عليه الاستقراء. وأن يجاز التصحيح فيما جاء على خلافه غير متصل بالفعل، لأن الإعلال ليس شرطاً فيه، كما رأيت. ثم يوجب التصحيح في هذا وحده، كلما خيف اللبس، وفي هذا بيان.