الخامس: ماء مسودة بفتح فسكون ففتح هو مفعلة للسبب، أي يؤول بصاحبه إلى السواد بضم السين، والسواد اسم الداء. والكلام في هذا واضح. أما المضيعة بإسكان الضاد وفتح الياء فقد جعلها الشيخ من الضيعة، على حين جعل المضيعة بكسر الضاد وسكون الياء من الضياع. ومذهبه في هذا غريب. ذلك أن الضيعة والضياع سيان ففي اللسان (والضيعة في الأصل المرة من الضياع، والضيعة والضياع: الإهمال) . والضاد فيها جميعاً بالفتح. وفي اللسان أيضاً (ضاع الشيء ضيعة وضياعاً) . فما الفرق إذاً بين (المضيعة) بكسر الضاد، و (المضيعة) بإسكان الضاد وفتح الياء؟ الذي عليه الأمهات أن المضيعة بالكسر مفعلة من الضياع؟ أي أنها اسم منه. ولذا قيل (هو بدار مضيعة) بكسر الضاد أي بدار ضياع، كما ذكر التاج وقد اعتقد الأستاذ عبد الرحمن تاج، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة (المضيعة) بكسر الضاد اسم مكان لحقت به التاء، كما جاء في مجلة المجمع القاهري للدورة الثالثة والثلاثين. وعندي أن قولهم (بدار مضيعة) بكسر الضاد. يمنع أن يكون مضيعة هذه اسم مكان. وقد فسّر التاج (دار مضيعة) بـ (دار ضياع) وقال صاحب النهاية (مضيعة: مفعلة من الضياع وقد قيل تركهم بيعة بفتح الضاد، ومضيعة: بكسر الضاد) كما أورده المرزوقي في شرح الحماسة (75) . فيكون الباء للظرفية المجازية، والضيعة اسم معنى كالضياع، وقد عطف المضيعة بكسر الضاد عليها فلم يبقَ في المضيعة هذه محل لاسم مكان. أما المضيعة بإسكان الضاد وفتح الياء، فهو مفعلة للسبب، كما يتبين من قولهم (بلدكم منساة العلم ومضيعة العالم) على ما جاء في الأساس. ومعناه أن بلدكم يؤول بالعلم إلى النسيان، وبالعالم إلى الضياع، وهو يدعو إلى ذلك ويبعث عليه فيكون سبباً له.