ويدخل في مفعلة الاسم ما لم يجر على الفعل من المصادر، وهو ما أسموه اسم المصدر، ومن ذلك (المشورة) من الإشارة، و (المثوبة) من الثواب، فقد جاء في اللسان (وقال الليث: المشورة مفعلة اشتقّ من الإشارة ويقال مشورة) ومشورة هذه بضم الشين وسكون الواو، ومشورة الأولى بإسكان الشين وفتح الواو. وقال صاحب المصباح: (واستشرته راجعته لأرى رأيه فيه فأشار عليّ بكذا: أراني ما عنده فيه المصلحة، فكانت إشارة حسنة، والاسم المشورة وفيها لغتان: سكون الشيء وفتح الواو: والثانية بضم الشين وسكون الواو، وزان معونة) . وإذا كان بعض الأئمة قد ذهب إلى أن المشورة من شور الدابة أو شور العسل، فإنهم لم يقصدوا إلى أنه مصدر لـ (شرت العسل أشوره شوراً ومشارة) .
وقد ذكر صاحب المصباح (والاسم المشورة وفيها لغتان) ، ثم أردف: (وهي من أشار الدابة إذا عرضها في المشوار. ويقال من شرت العسل، وشبه حسن النصيحة بشرب العسل) . أقول لو كان المشورة مصدر شار لقيل (شار العسل شوراً ومشارة ومشورة) . قال صاحب المفردات (والمشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم شرت العسل أي اتخذته من موضعه واستخرجته منه) . فإذا كان المصدر من حيث لفظه، هو الجاري على فعله كالأفعال من أفعل، والتفعيل من فعَّل، والانفعال من انفعل، فإن اسم المصدر يخالفه في عدم جريانه على الفعل الذي يجري عليه المصدر.
هذا وقد فرّق الشيخ ظاهر خير الله الشويري في رسالته (المفعلة) بين المشورة بضم الشين والمشورة بإسكانها، فجعل الأول اسماً، والثاني من مبالغة المصدر. وحقيقة الأمر أن كلا اللفظين اسم مصدر، وقد جاءا بمعنى، فالمشورة بالضم مفعلة بضم العين، وقد نقلت حركتها إلى ما قبلها بالإعلال، أما المشورة بإسكان الشين فهي مفعلة بفتح العين، وقد جاء بالتصحيح ولم يعلّ، وسنبين علة عدم التصحيح فيه.