هذا بحث طريف إذا أنت طلبته حفزتك الحاجة إلى أن تنقب عنه في الأُمهات من المظان، وتستعين بالصبر في كل ما تزاوله أو تراوده من أمره. وأول ما يلزمك أن تتقصى القول فيه فتضم أطرافه وتجمع متفرقه، فتوسع له في قلبك وتجعله منك على بال. ثم تتعهد هذا بنظرك فتتعرف قرابة ما بينه وبين شبيهه. فإذا فعلت ذلك كنت على جادة الطريق فتسنى لك كثير مما يسعفك في هذا المجال، وجم مما يغنيك في هذا الباب.
وأفضل ما يمكن أن نمهد به، لإيضاح ما جاء على مفعلة، وتعرّف وجوهه، أن نقسم الكلام فيه إلى مفعلة الفعل، ومفعلة الاسم. ونقصد بمفعلة الفعل كل ما جاء على هذه الصيغة متصلاً بالفعل كالمصدر واسم المكان. ونعني بمفعلة الاسم ما جاء على هذه الزنة، غير مبني على الفعل، كمفعلة الدالة على كثر الأعيان، ومفعلة التي يراد بها الاسم خاصة.
مفعلة الفعل: المصدر الميمييعد المصدر الميمي من مفعلة الفعل المفتوحة العين، إذا لحقت به التاء. ذلك أن المصدر الميمي تفتح عينه أبداً ما لم يكن من المثال الواوي الصحيح اللام، الذي تحذف فاء مضارعه، فإنه تكسر عينه. فإذا لحقت به التاء كان كالموعظة والموهبة بكسر العين. فمن مفعلة المفتوحة العين: المسألة والمسرة والمودة والمحبة والمهمة من سأل وسرّ وودَ وحب وهمّ. ومنها المشارة والمقالة والمخافة والمهابة والمساءة من شار وقال وخاف وهاب وساء. ومفعلة هذه متصلة بالفعل مبنية عليه. وربما أتت مكسورة العين على غير قياس كمغفرة ومحمدة ومعرفة ومقدرة ومعذرة ومرجعة ومرثية بياء مخففة، أو مضمومة العين كمكرمة ومأدبة، فيبنى الكسر هاهنا على الشذوذ، كما يبنى الضم على الندور. قال الشيخ أحمد الحملاوي في كتابه (شذا العرف في فن الصرف) : (ويصاغ المصدر الميمي من الثلاثي، على وزن مفعل بفتح العين وسكون الفاء نحو منصر ومضرب، ما لم يكن مثالاً صحيح اللام وتحذف فاؤه في المضارع كوعد، فإنه يكون على زنة مفعل بكسر العين كموعد وموضع. وشذ من الأول المرجع والمصير والمعرفة والمقدرة، والقياس فيها الفتح، وقد ورد الثلاثة الأولى بالكسر، والآخر مثلثاً. فالشذوذ في حالتي الكسر والضم) . وهو خلاصة ما جاء في المصباح مبسوطاً مفصلاً.