وأنكر أبو علي الفارسي على الفراء أن تكون (كي) في البيت السابق مرخمة من كيف، وحتَّم أن تكون فيه حرفاً بمعنى اللام، بحجة أن كيف اسم ثلاثي خال من علامة التأنيث، والثلاثي لا يرخم منه إلا ما لحقتة علامة التأنيث، كما أنه نكرة والنكرة لا ترخم، وهو مبني لمشابهته الحروف، والحذف لا يكون في الحروف قال: "وكذلك ينبغي أن لا يكون فيما غلب عليه شبهُها وصار بذلك في حيّزها"[1].
الضرب الثاني وهو قياسي: حرف تعليلي كاللام معنى وعملاً[2]، وذلك إذا وليها (ما) الاستفهامية نحو كيمه؟، أو المصدرية، ويمثل لها النحاة بقول الشاعر:
إذا أنْتَ لَمْ تَنْفَعْ فَضُرَّ فَإنَّما ... يُرَجّى الفَتى كَيْما يَضُرُّ وَيَنْفَعُ3
أو وليتها اللام ومنه قول:
وَأَوْقَدْتُ ناري كَيْ لِيُبْصَر َضَوْؤُها ... وَأَخْرَجْتُ كَلْبِي وَهْوَ في البَيْتِ داخِلُهْ4 [1] ينظر المسائل البغداديات: 349. [2] القول بجواز أن تكون (كي) تعليلية هو رأي سيبويه وجمهرة البصريين، ويحتِّم الكوفيون وابن السراج أن تكون (كي) مصدرية.
ينظر: الكتاب: 3/6، والمقتضب: 2/8، والأصول: 2/147، والإنصاف: المسألة الثامنة والسبعون، وابن يعيش: 7/17، والتصريح: 4/289.
3 بيت من الطويل نسب للنابغة الجعدي وهو في: ذيل ديوانه: 246، ولقيس بن الخطيم في تكملة ديوانه: 170 وهو فيه بنصب الفعلين: (يضرًّ وينفعا) وللنابغة الذبياني في المقاصد النحوية 4/379 وأشار العيني إلى النزاع في نسبته، ونسبه البحتري في حماسته:339 إلى عبد الله بن معاوية فثبّته جامع ديوانه بناء على هذه النسبة:59، ونسب لبعد الأعلى بن عبد الله في الحيوان: 3/76.
4 بيت من الطويل نسب لحاتم الطائي في صلة ديوانه: 287، ولمنصور النمري في ملاحق ديوانه:131 مع اختلاف في موضع الشاهد والبيت في حماسة أبي تمام 2/334.