لطولهما بالصلة، واختلفوا في محلِّهما بعد الحذف فذهب الخليل والكسائي إلى أنّ محلَّهما جرّ تمسكاً بقوله:
وَما زُرْتُ لَيْلى أنْ تَكونَ حَبيبَةً ... إليّ وَلا دَيْنٍ بِها أَنا طالِبُهْ1
بجر دين، وذهب سيبويه والفراء إلى أنهما في موضع نصب وهو الأقيس"[2].
1 بيت من الطويل للفرزدق في ديوانه: 1/84، والرواية فيه (سلمى) بدل ليلى، وهو في الكتاب: [3]/29، والإنصاف: 395، وتخليص الشواهد: 511. [2] شرح الأشموني: 2/92.
المطلب الثاني: نزع الخافض من أنَّ وأن في القرآن:
جاءت آيات كثيرة جداً تحتوي على أحد الحرفين المصدريَّين (أنَّ وأنْ) قال عنها المعربون للقرآن: إنها منزوعة الخافض - ونزع الخافض معهما أمر قياسي عند النحاة -، ولهذا سأكتفي بإيراد أمثلة توضح هذه المسألة دون استقصاء لجميع ما ورد منها في القرآن.
قال تعالى: {وَبَشِّر الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصّالِحاتِ أنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ} [3].
أي: بأنَّ لهم جنات.
وقال تعالى: {إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحوا بَقَرَةً} [4].
أي بأن تذبحوا بقرة.
وقال تعالى: {أَفَتَطْمَعونَ أَنْ يُّؤْمِنوا لَكُمْ} [5].
أي بأن يؤمنوا لكم. [3] البقرة: 25. [4] البقرة: 67. [5] البقرة: 75.