وثانيهما: أن يكون حذف الحرف لمعنى بلاغي وهو قصد الإبهام ليرتدع بذلك الطامع والمعرض[1].
واختلف في محل (أنَّ) و (أن) عند حذف حرف الجر المطّرد حذفه معهما فقيل: محلّهما نصبٌ، قياساً على الاسم الصريح، ونُسب للخليل وإليه ذهب الفراء[2] والمبرّد[3] وعزاه ابن مالك - متابعاً ضياء الدين بن العلج - إلى سيبويه، وصححه[4]، وقيل محلّهما جرٌّ ونُسب للكسائي، ومال إليه السيرافي[5]، واستدلوا بقول الشاعر:
وَما زُرْتُ لَيْلى أَنْ تَكونَ حَبيبَةً ... إليَّ وَلا دَيْنٍ بِها أَنا طالِبُهْ6
بجر (دينٍ) عطفاً على محل: (أن تكون) إذ أصله (لأن تكون) . [1] ينظر توضيح المقاصد: 2/54، والتصريح: 2/408، والأشموني: 2/91. [2] ينظر معاني القرآن: 1/210. [3] ينظر المقتضب 2/341: قال:"وتقول: أشهد أن محمداً رسول الله فكأن التقدير: أشهد على أن محمد رسول الله أي: أشهد على ذلك، أو أشهد بأنَّ محمد رسول الله، أي: أشهد بذلك".
وقال في 2/346: "زعم قوم من النحويين موضع (أن) خفض في هاتين الآيتين – {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} {وأنََّ المَسَاجِدَ لِِِِِلَّهِِ فلاَ تَدْعُو مَعَ الله ِأَحَداًً} - وما أشبههما، وأن اللام مضمرة، وليس هذا بشيء واحتجوا بإضمار ربّ في قوله:
وبلد ليس به أنيس
وليس كما قالوا، لأن الواو بدل من (رب) كما ذكرت لك". [4] ينظر شرح التسهيل: 2/150، وشرح ابن الناظم:249، والتصريح: 2/ 408. [5] ينظر في العزو: المقاصد الشافية: 1/ 149، وتعليق الفرائد: 5/15.
6 بيت من الطويل للفرزدق وهو في ديوانه: 1/84.