اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 464
الضَّرْب مثل جَعفَر، فقال: "ضَرْبَبٌ"، قد أحدث لفظًا ليس من كلام العرب؟ والذي يجيز ذلك[1] حجَّتُه أنَّ العرب قد أدخلت[2] في كلامها الألفاظ الأعجميَّة كثيرًا، ولم تمتنع من شيء من ذلك. وسواء كان بناء اللفظ الأعجميِّ[3] مثل بناءٍ من أبنية كلامهم، أو لم يكن نحو: إِبراهيم ومَرْزَنجُوش[4] وأشباه ذلك. فقاس على ذلك إِدخال هذه الأبنية المصنوعة في كلامهم، وإن[5] لم تكن منه.
وذلك باطل؛ لأنَّ العرب إذا أدخلت اللفظ العجميَّ في كلامها[6] لم يرجع بذلك عربيًّا، بل تكون قد تكلَّمت بلغة غيرها. وإذا تكلَّمنا نحن بهذه الألفاظ المصنوعة كان تكلُّمنا بما لا يرجع إلى لغة من اللغات[7].
والذي فصَّل حجَّتُه أنَّ العرب إذا فعلت مثل ذلك باطِّراد كان هذا الذي صنعناه نحن لاحقًا به، ومحكومًا له بأنه عربيٌّ؛ لأنه على قياس كلام العرب[8]. فإن لم تفعلِ العرب مثله، أو فعلته بغير اطِّراد، لم يجز لأنه ليس له ما يقاس عليه. فإذا بنينا[9] من الضرب مثل جَعْفَر فقلنا: "ضَرْبَبٌ"، كان "ضَرْبَبٌ" عربيًّا. وجاز لنا التكلُّم به في النظم والنثر؛ لأنَّ العرب قد ألحقتِ الثُّلاثيَّ بالرباعيِّ بالتضعيف كثيرًا، نحو: قَرْدَد[10] ومَهْدَد[11] ومَحْبَب[12] وعُنْدَد[13] ورِمْدِد[14] وأمثال ذلك. إذ لا فرق بين قياس الألفاظ على الألفاظ وبين قياس الأحكام على الأحكام.
ألا ترى أنك تقول: طابَ الخُشكُنانُ[15]، فترفعه إذا كان فاعلا[16] وإن لم تَسمَعِ العربَ [1] م: والذي يميز فله. [2] م: أخلَّت. [3] م: الأحمر. [4] المرزنجوش: نبت. [5] م: فإن. [6] م: كلامهم. [7] انظرالاقتراح ص13. [8] م: على قياس كلامهم. [9] م: بنيا. [10] القردد: ما ارتفع وغلظ من الأرض. [11] مهدد: اسم امرأة. [12] محبب: اسم رجل. [13] في حاشية ف: أبو زيد: مالي عنه عندد ومعلندد أي: بدّ. [14] الرمدد: الرماد الكثير الدقيق جدًّا. [15] الخشكنان: ضرب من الطعام. [16] سقط من م.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 464