اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 43
إلى الأغمض، والأبينَ طريق إلى الأخفى، كالإقبال والقَبَل.
والرابع: كون أحدهما أخصَّ من الآخر. فالأخص أولى من الأعم الذي هو له ولغيره، كالفضل والفضيلة. لو قال قائل: أصله الزيادة، وقال آخر: أصله المِدحة، كان قول صاحب الزيادة أولى؛ لأنَّ معنى[1] المدحة في أشياء كثيرة هي أعم من الزيادة؛ ألا ترى أن معنى المدحة في العلم والقدرة والنعمة والنَّصَفَة، وفيما لا يحصى كثرةً من الأفعال الحسنة؟
والخامس: أن يكون أحدهما أحسن تصرفًا، فتجد رده إليه سهلًا قريبًا وبينًا واضحًا، كباب المعارضة والاعتراض والتعريض والعارض والعِرض. ردُّه كله إلى معنى "العَرْض" –وهو الظهور- من قولك: "عَرَضَ عَرْضًا" إذا ظهر، أولى من رده إلى العُرْض: الناحية من نواحي الشيء، وإن كان أبو إسحاق قد رده إلى الناحية، لما رآها تطّرد في الباب كله، ولم يراعِ باب الأحسن في المطّردينِ.
والسادس: كون أحدهما أقرب من الآخر[2]، فيكون الأقرب أولى من الأبعد. وذلك أن الأبعد يرجع الفرع إليه بكثرة وسائط، والأقرب يرجع إليه بقلة وسائط. وكذلك ردك إلى الأصل الواجد قد يكون من طرق مختلفة، أحدهما أقرب من الآخر، فيكون الرد بالطريق الأقرب أولى. كردك العُقار[3] إلى العَقْر، من جهة أنها تَعقِر الفهم، فإنه أحسن من ردها إليه، من جهة أن الشارب لها يَسكر، فيُفسد ويعقِر. فالأول أقرب.
والسابع: أن يكون أحدهما أليق وأشد ملاءمة. وذلك كالهداية هي أليق بالدلالة، منها بمعنى "التقدم" من قولك "هوادي الوحشِ" لمتقدماتها.
والثامن: أن يكون أحدهما مطلقًا والآخر مضمنًا. وذلك كالقرب والمقاربة. فالقرب أولى من المقاربة؛ لأنَّ المقاربة مضمنة، والقرب مطلَق.
والتاسع: أن يكون أحدهما جوهرًا والآخر عرَضًا، فيكون الرد إلى الجوهر أولى من الرد إلى العرض، إذ كان الجوهر أسبق إلى النفس في التقديم، كقولهم: "استحجَرَ الطينُ" مأخوذ من الحجر، و"استنوَق الجمل" و"استَتْيَسَتْ الشاة" و"ترجلتِ المرأة"[4].
فهذه جملة الوجوه التي يكون بسببها أولى. [1] سقط من م حتى قوله: "أو في حكم الجاربة وفي" ص44. [2] أي: أقرب إلى الفرع من الآخر. ف: إلى الآخر. [3] العقار: الخمرة. [4] يعني أن الاشتقاق من الناقة والتيس والرجل. وعندي أن الاشتقاق هنا من المصادر التي صيغت من هذه الاسماء الأعيان. وهي: الاستحجار والاستنواق والاستتياس والترجل؛ وذلك لأنَّ أصل الاشتقاق من المصدر. انظر تصريف الأسماء والأفعال ص128.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 43