اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 417
فإن قلت: فهلَّا حرَّكوا الثاني من الساكنين إذا التقيا، ثمَّ أدغموا الأوَّل فيه. فالجواب أنَّ حركة التقاء الساكنين عارضة فلم يُعتدَّ بها، كما لم يُعتدَّ بها في نحو[1]: {قُمِ اللَّيْلَ} ؛ ألا ترى أنهم لا يردُّون الواو المحذوفة من "قُم"[2] لالتقاء الساكنين، وإن كانت الميم قد تحرَّكت؛ لأنَّ الحركة عارضة؟
وأمَّا غيرهم من العرب فيُدغم ويَعتدُّ بالعارض؛ لأنَّ العرب قد تعتدّ بالعارض في بعض الأماكن. وأيضًا فإنَّ[3] الثاني أصله الحركة وليس السكون، [ويحرك إذا اتصل بالضمائر نحو: رُدّا وردُّوا] وردِّي. ولذلك لم يدغموا في: أشدِدْ بحمرة ثوبه! لأنَّ تلك الضمائر لا تلحقه أصلًا. [وأيضًا] فإنه حَملَ ما سكونُه جزمٌ على المُعرَب بالحركة؛ لأنه مُعرَب مثله. فكما أنَّ المُعرَب بالحركة تدغمه نحو: يَفِرُّ[4], فكذلك المُعرَب بالسكون. وحَملَ ما سكونُه بناء على ما سكونُه جزم؛ لأنه يُشبهه؛ ألا ترى أنَّ العرب قد تحذف له[5] آخر الفعل في المعتلِّ كما تحذفه للجزم، فتقول: "اغزُ" كما تقول: لم يَغزُ؟
وأيضًا فإنك[6] قد تُحرِّك لالتقاء الساكنين فتقول: اردُدِ القومَ. فصار بذلك يُشبه المُعرَبَ بتعاقب الحركة والسكون على آخره، كما أنّ المُعرَب كذلك في نحو: يَضرِبُ ولم يَضرِبْ. فلمَّا أشبه المُعرَبَ في ذلك حُمِل في الإدغام عليه.
والذين من لغتهم الإدغام[7] يختلفون في تحريك الثاني:
فمنهم من يُحرِّكه أبدًا بحركة ما قبله إِتباعًا، فيقول: رُدُّ وفِرِّ وعَضَّ، ما لم تتَّصل به الهاءُ والألف التي للمؤنث فإنه يَفتح على كلِّ حالٍ نحو: رُدَّها وعَضَّها وفِرَّها[8]، أو الهاءُ التي هي للمذكَّر فإنه يَضمُّه نحو[9]: رُدُّهُ وفِرُّهُ وعَضُّهُ -وذلك؛ لأنَّ[10] الهاء خفيَّة فكأنك قلت: رُدَّا أو رُدُّوا. فكما أنك تفتح مع الألف وتضمُّ مع الواو فكذلك تفعل هنا؛ لأنَّ الهاء خفيَّة- أو لم [1] الآية 2 من سورة المزمل. [2] م: من فيه. [3] سقط حتى "أصلًا" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف، وانخرم بعض كلماته. [4] م: نفر. [5] أي: للبناء. [6] ف: فإنه. [7] في حاشية ف بخط أبي حيان: سمع الكسائيُّ من عبد القيس: ارُدَّ وافِرَّ واعَضَّ. بهمزة الوصل وبالإدغام. [8] فَرَّ الدابةَ يفِرُّها: إذا كشف عن أسنانها ليعرف عمرها. فالفاء مكسورة في المضارع والأمر. وقيل إنها مضمومة. القاموس واللسان والتاج "فرر". [9] سقط من م. [10] ف: أنّ.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 417