اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 403
الإدغام
مدخل
...
باب الإدغام: الإدغام هو: رفعُكَ اللسانَ بالحرفين رفعةً واحدة، ووضعُكَ إِيَّاه بهما موضعًا[1] واحدًا. وهو لا يكون إِلَّا في المِثلَينِ أو المُتقارِبَينِ[2].
والسبب في ذلك أنَّ النطق بالمِثلين ثقيلٌ؛ لأنك تحتاج فيهما إلى إِعمال العضو الذي يخرج منه الحرفُ المضعَّفُ مرَّتين، فيكثر العمل [59أ] على العضو الواحد. وإذا كان الحرفان غَيرَينِ[3] لم يكن الأمر كذلك؛ لأنَّ الذي يعمل في أحدهما لا يعمل في الآخر. وأيضًا فإنَّ الحرفين إذا كانا مِثلين فإنَّ اللسان يرجِعُ في النطق بالحرف الثاني إلى موضعه الأوَّل، فلا يَتسرَّحُ اللسان بالنطق كما يَتسرَّحُ في الغَيرَينِ[4]، بل يكون في ذلك شَبيهًا بمشي المقيَّد. فلمَّا كان فيه من الثقل ما ذكرتُ لك رُفِعَ اللسان بهما رفعةً واحدةً، ليقلَّ العمل ويخفَّ النطق بهما على اللسان.
وأمَّا المتقاربان فلتقاربهما أُجْرِيا مُجرى المِثلينِ؛ لأنَّ فيهما بعض الثقل؛ ألا ترى أنك تُعمل العضو وما يليه كما كنت في المِثلين تُعمل العضو الواحد مرَّتين. فكأنَّ العمل باقٍ في العضو لم ينتقل. وأيضًا فإنك تردُّ اللسان إلى ما يَقربُ من مَخرج الحرف الأوَّل. فيكون في ذلك عُقلة للِّسان[5], وعدم تسريح له في وقت النطق بهما. فلمَّا كان فيهما من الثقل هذا القدر فُعِلَ بهما ما فُعِل بالمِثلينِ، من رفع اللسان بالحرفين رفعةً واحدةً، ليخفَّ النطق بهما.
فهذا الباب إذًا ينقسم قسمين: إِدغام المِثلين، وإِدغام المتقاربين. [1] م: "وتضعه بهما موضعًا". وانظر شرح الشافية 3: 233-238 وشرح المفصل 10: 120-121. [2] م: في مثلين أو متقاربين. [3] الغيران: المتغايران. [4] أي: المتغايرين. فأل: حرفية موصولة يجوز دخولها على غير، خلافًا لمن منع ذلك. انظر شرح قواعد الإعراب ص95 و211. [5] م: فيكون ذلك عقلة اللسان.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 403