اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 281
فإن قيل: فلأيِّ شيء التزموا[1] في مضارع "فَعَلَ" الذي فاؤه واو "يَفْعِل" بكسر العين، وقد كان نظيره من الصحيح يجوز فيه "يَفعُل" و"يَفعِل"، بضمِّ العين وكسرها؟ فالجواب[2] أنهم التزموا "يَفعِل" لأنَّه يؤدِّي إلى حذف الواو، فيَخِفُّ اللفظ.
فإن قيل: لو ضمُّوا العين في "يَفْعلُ"، فقالوا "يَوعُدُ"، لوجب حذفُ الواو لوقوعها بين ياء[3] وضمَّة، وهما ثقيلان؛ ألا ترى أنهم لمَّا شَذُّوا من ذلك في حرف واحد، فجاءوا به على "يَفعُلُ"، حذفوا الواو فقالوا: وَجَدَ يَجُدُ؟ [4] قال الشاعر5:
لَو شِئتِ قَد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَربةٍ ... تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلًا.
فالجواب أنَّ وقوع الواو بين ياء وضمَّة لا يُوجِبُ الحذف، بدليل قولهم في مضارع "وَطُؤَ" و"وَضُؤَ": يَوطُؤ ويَوضُؤ[6]، فلا يحذفون. فأمَّا حذفُهم في "يَجُدُ" فلأنَّ "يَجُدُ" شاذٌّ، فالضمُّ فيه عارض[7]، فحُذفَت فيه[8] الواو، كما حُذفتْ في "يَضَعُ".
فإن قال قائل: فلعلَّ[9] الواو في "يَجُدُ" حُذفت للثقل، ولم تُحذف في "يَوضُؤ" و"يَوطُؤ" مضارع "وَطُؤ" و"وَضُؤ" لأنهم التزموا في مضارع "فَعُلَ" طريقةً واحدةً[10] ألا ترى أنه إنَّما يجيء على "يَفعُلُ" بضمِّ العين خاصَّةً؟ فكرهوا الحذفَ لئلَّا يتَغيَّر المضارِع عن أصله، كما التُزمَ الضمُّ في غير المضارع لذلك. فالجواب أنَّ الحذف ليس بمُغيِّر لمضارع "فَعُلَ" عن أصله.
ألا ترى أنك إذا خفَّفتَ "يَوضُؤ"، ثمَّ أَدخلت الجازم، حذفتَ الواو للجزم في[11] أحد الوجهين، على حدِّ قوله12:
[جَرِيءٍ مَتَى يُظلَمْ يُعاقِبْ بِظُلمِهِ ... سَرِيعًا] وإِلَّا يُبْدَ بالظُّلمِ يَظلِمِ
فخفَّف همزة "يُبدأ"، ثمَّ أجراها مُجرى حروف العلَّة، فحذفها للجازم. فكما أنَّ هذا القدر غير مُعتدٍّ به، فكذلك حذفُ الواو في مثل "يَوضُؤ" و"يَوطُؤ" لا يكون تغييرًا. فدلَّ ذلك على أنَّ الواو [1] ف: ألزموا. [2] المنصف 1: 185-186. [3] م: واو. [4] م: يجِد.
5 تقدم في ص122. م: لا يجِدنَ. [6] م: يوضؤ ويوطؤ. [7] المنصف 1: 187. [8] م: منه. [9] ف: لعل. [10] هذا مذهب المازني وابن جني. انظر المنصف 1: 209-210. [11] سقط من م حتى قوله "فحذفها للجازم".
12 زهير بن أبي سلمى. انظر ما تقدم في ص252.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 281