اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 159
الأَولق. فقولهم "أُلِقَ"، بإِثبات الهمزة وحَذْفِ الواو، دليلٌ على أصالة الهمزة وزيادة الواو.
فإِن قيل: فلعلّ هذه الهمزة بدل من الواو، والأصل "وُلِقَ"، نحو قولهم في "وُعِدَ الرَّجلُ": أُعِدَ. فالجواب أنه لو كان من قبيل "أُعِد" لقالوا: وُلِقَ، كما يقولون: وُعِدَ. فالتزامهم الهمزة في "أُلق" دليل على أنها أصل. وأيضًا فإنهم قالوا: رَجلٌ مألوقٌ. ولو كانت الهمزة زائدة لقالوا "مَولوقٌ" بالواو. ولا يُتصوَّرُ أن تُقدَّرَ الهمزة في مألوق بدلًا من الواو؛ لأنَّ مثل هذه الواو لا تُقلب همزة. وسيُبيَّنُ ذلك في البدل[1].
وزعم الفارسيُّ أنَّ أَولقًا[2] يحتمل ضربين من الوزن: أحدهما ما قدَّمناه من أنه "فَوعَل" وهمزته أصل، من: تألَّقَ البَرقُ. والآخر[3] أنه "أَفعَل" وهمزته زائدة. من: وَلَقَ إِذا أسرع؛ لأنَّ الأَولق: الجنون. وهي توصف بالسرعة.
فإِن قيل: فكيف أجاز ذلك، مع قولهم: أُلِقَ ومألوقٌ؟ فالجواب أنه يَجعل الهمزة منهما[4] بدلًا من الواو، والأصل "وَلِقَ" و"مولوقٌ"، ويَجعل هذا من قَبيل البدل اللَّازم، فتكون الواو من "وُلِقَ" لمَّا أُبدلت همزةً لانضمامها أُجريت هذه الهمزة مُجرى الأصليَّة، فقالوا: مألوقٌ.
فيكون ذلك نظير قولهم: عِيدٌ وأَعيادٌ؛ ألا ترى أنَّ عِيدًا من "عادَ يَعُودُ"، وأنَّ الأصل فيه "عِوْدٌ"، فقُلبت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، فقيل: عِيدٌ؟ وكان يَنبغي إذا جمعنا أن نقول في جمعه "أَعواد" بالواو، لزوال الموجب لقلب الواو ياءً، كما قالوا في جمع رِيح "أَرواح" بالواو، لزوال موجب قلبها ياءً في "ريح"، وهو سكونها وانكسار ما قبلها. قال5:
تَلُفُّهُ الأرواحُ, والسُّمِيُّ
إِلَّا أنهم لمّا أَبدلوا الواو ياءً في "عِيد" أَجروا هذه الياء مُجرى الأصليَّة.
إِلَّا أنَّ هذا النوع من البدل –أعني اللَّازم- قليلٌ، وأصالة الهمزة أيضًا إذا وقعت أوَّلًا في مثل هذا قليل، فتكافأ الأمران عنده، فلذلك أجاز الوجهين.
والصحيح أنَّ الأولق[6] همزته أصليَّة، ولا ينبغي أن يُحمل على باب عِيد وأعياد؛ لأنَّ مثل [1] في الورقة 34. [2] ف: "أولق". وفي الحاشية بخط أبي حيان عن ابن مالك إجازة الضربين من الوزن. [3] نسب ابن جني هذا المذهب في الخصائص 1: 9 إلى أبي إسحاق الزجاج. وانظر ص 41. [4] م: فيهما.
5 العجاج: ديوانه ص69 والصحاح واللسان والتاج "سمو". الأرواح: جمع ريح. والسمي: جمع سماء. وهي المطر. [6] م: أولق.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 159